الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الموسيقى في نهضة عُمان الحديثة

تأسست عُمان الحديثة على رؤية منفتحة وفكر مستنير قائم على المحافظة على الهُوية والانفتاح على التطور، وبالرغم من أن هذه الرؤية شملت نواحي التنمية المختلفة على تنوعها، إلا أن التنمية الثقافية في الفنون الموسيقية تشكل أمراً لافتاً، ذلك لأن المغفور له السلطان قابوس بن سعيد ـ طيّب الله ثراه ـ نظر إلى هذه الفنون بوصفها قاعدة من قواعد التنمية الثقافية المهمة، ووفق رؤيته المتوازنة بين المحافظة والانفتاح، بنى جلالته هذه القاعدة لتصبح أحد أهم مميزات الهُوية الثقافية في عُمان.

وعلى ذلك فقد تأسست الفرقة السلطانية الأولى للموسيقى والفنون الشعبية عام 1976، وبعدها تم إنشاء مركز عمان للموسيقى التقليدية عام 1984، ليتبعها تأسيس الأوركسترا السمفونية السلطانية العمانية في أغسطس عام 1985، التي استقطبت العديد من المواهب العمانية الشابة (ذكوراً وإناثاً)، الذين تم تدريبهم على أيدي أشهر العازفين في العالم، حتى قدمت حفلاتها الموسيقية على أكبر المسارح في العالم، بعد أن قدمت حفلها الموسيقي الأول تحت رعاية السلطان قابوس بن سعيد المعظم، رحمه الله، عبر 85 عازفاً، وذلك في الأول من يوليو 1987.

هكذا تعاظم الاهتمام مع وجود الشباب العماني الموهوب الذي بدأ ينفتح على آفاق الموسيقى العربية والعالمية، حيث جاءت الأوامر لإنشاء جمعية هواة العود في مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم في ديوان البلاط السلطاني، التي يبلغ عدد أعضائها اليوم أكثر من 150 عضواً، وينتسب إليها ما يربو على 2000 هاوٍ.


إن اهتمام عُمان الحديثة بالتنمية الثقافية في مجال الفنون الموسيقية، والتدرج في بناء هذه التنمية، يظهر جليّاً في إنشاء دار الأوبرا السلطانية، وهي دار الأوبرا الأولى على مستوى منطقة الخليج العربي والثانية في الوطن العربي، حيث افتُتحت في الـ11 من أكتوبر 2011، بوصفها مشروعاً تنموياً يعكس رؤية عُمان الثقافية التي توائم بين الفنون التقليدية المحلية وفنون العالم، إذ تعدُّ الدار مركزاً للتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، كما تمَّ افتتاح دار الفنون الموسيقية في الدار في الـ15 من يناير 2019، لتكون ملتقى للثقافات الموسيقية والتنويعات الموسيقية العربية والغربية.


إن المواءمة بين المحافظة والانفتاح تتجلى في اهتمام السلطنة في نهضتها الحديثة بالفنون الموسيقية، بوصفها إحدى قواعد التنمية الثقافية، ولعل التدرج في هذه التنمية يعكس الاهتمام ببناء الإنسان العماني، الذي أصبح اليوم يجوب العالم قائداً للأوركسترا والفرق الموسيقية المتعددة أو عازفاً أو ملحناً أو موزعاً موسيقياً.