الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

بثينة العيسى.. و«الكتابة الروائية»

في كتابها «الحقيقة والكتابة» (الصادر عام 2018، عن منشورات تكوين) تحاول الروائية بثينة العيسى تتبع مسار الكتابة الوصفية في القصة والرواية، من خلال أربعة محاور هي: الاستراتيجيات، والأدوات، والموضوعات، والحكاية.

وتشير العيسى إلى أن الهاجس الأكبر للكاتب هو امتلاكه القدرة على كتابة الأشياء كما رآها أو عاشها، وكما تخيلها أيضاً، لذلك تبدو الحقيقة بالمعنى الواسع بمثابة المنظور الذي يحاول الكاتب تدشينه من خلال القصة والرواية.

لذلك يمكننا أن نفهم أن الحقيقة في العمل الفني يستحيل القبض عليها، فهي الشيء الذي نحاول بلوغه بسرد الأكاذيب (القصص والروايات)، وهي أيضاً، ما نراه، ونشعر به أثناء سردنا تلك الأكاذيب.


بمعنى أن الحقيقة هي الشيء الذي يجعل الرواية موصلاً للأفكار والمشاعر، وهي أيضاً البوصلة النهائية للأدب القصصي، وهي بالقدر نفسه الأداة الفنية العليا، التي تهيمن على جميع أدواتنا.


وتعترف بثينة العيسى بأن الهدف من هذا الكتاب ليس تعريف الحقيقة في إطار فلسفي، بل فهمها في سياقها الفني، فمثلاً ليست الحقيقة الروائية شيئاً يمكن إثباته أو نفيه، فالروائيون لا يكتبون الروايات لتأكيد كروية الأرض، إنها عملية فردنة شديدة التخصيص لتجربة إنسانية ما، في وضع ما، ستجعل القارئ يرى الأشياء بطريقة مختلفة، أو هكذا يعتقد.

إذن، كان هذا الكتاب هو محاولة لتتبع مسار خيط وصفي واحد في العمل الروائي، وقد نظن أن الأمر بسيط، مقارنة بمكونات الرواية الأخرى مثل: الحبكة والشخصيات، عناصر قد تبدو أكثر جوهرية ودهشة للكاتب المهتم، ولكن هذا الخيط الوصفي هو الفاصل بين الرواية والحكاية، وبين الأدب الجيد والكتابة الرديئة.

وهنا نسأل: ما هي الكتابة الوصفية؟.. إنها إحدى الأدوات التي يمتلكها الكاتب من أجل استثارة المخيلة وتنشيط دورها في تلقي النص.

وتؤمن بثينة العيسى بأن كاتب الأدب مثل قارئه، يعرف أن النص الأدبي لا يُقرأ عن طريق العقل، بل الجوارح جميعها.. إنها السمة التي تمنح الفن خصوصيته وتجعله غير قابل للاستبدال. لكن هل صحيح ألّا تخلو رواية أو قصة من كتابة وصفية؟.. الجواب نعم، إذ يلجأ الكُتاب إلى الوصف بشكل تلقائي وعفوي داخل المشروع الكتابي، إذ لولا وصف الأماكن والشخصيات والأحداث لبدت حبكة الرواية مثل معادلة رياضية، فالغاية من الوصف هي تعميق التجربة القرائية على الصعيد النفسي والذهني والجسدي.