الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

كم عمرك يا «موزارت»؟

كان أحد أساتذتي يقول لي: لا تتخطي الـ35 من العمر من دون أن تضعي قدميك في طريق الإنجاز المميز.

وحين سألته: وأنت ماذا أنجزت قبل هذا الموعد؟

أجابني: لا شيء يستحق الاهتمام.. لقد تأخرت في تعلم الدرس.

هل هناك في الأصل لحظة فاصلة يكون فيها عام 2020 شيئاً من الماضي؟ وما الذي حدث بالضبط لسكان جزيرة تونغا في المحيط الهادئ، عندما دخلوا وحدهم السنة الجديدة، بينما بقيت مدن العالم في الانتظار؟ وما شعور سكان جزيرة ساموا الذين دخلوا العام الجديد بعد 25 ساعة من احتفال سكان الجزيرة الأولى؟ وهل يمكن السفر بين الجزيرتين اللتين تبعدان عن بعضهما 900 كم لدخول السنة الجديدة مرتين؟

الزمن الحقيقي لا يعترف بتوقيتات الإنسان التي وضعها لنفسه كي يحصي أيام حياته، فهو مجرد شعور داخلي أثبتت نظرية أينشتاين أنه أمر نسبي تماماً.

لكن كيف يمكننا الهروب من عدد السنوات ونحن نقيس أعمارنا على وقع أيامها؟ وكيف نضع الأمنيات والتحديات الشخصية عند عتبة كل عام ثم نلتفت إليها في آخر يوم ونقول: أين نحن؟

ماذا لو كان فارق التوقيت بين جزيرة تونغا وساموا ليس 25 ساعة، وإنما 10 سنوات على سبيل المثال، لكان بإمكان أستاذي أن يسافر إلى الجزيرة الأولى ويحتفل معهم بعامه الـ30، ثم يفكر بإنجازات حياته قبل فوات الأوان كما يعتقد، لكن زمن الإنجازات يختلف عن توقيت الاحتفالات.

الزمن الداخلي للفرد محكوم بظروفه الخاصة، محكوم بتلك الأشياء الكثيرة التي لم يخترها وفُرضت عليه من الخارج، إذ ليس كل طفل يولد ويتحول مصادفة إلى موزارت، وليس كل عاشق للألوان والطبيعة يتحول تلقائياً إلى فان كوخ.. الأول وُلِد ومعه كل شروط النجاح، وغادر الحياة قبل أن يتم الـ35 تاركاً وراءه (41) سمفونية خالدة، والثاني مات ولم يتذوق طعم نجاحه بعد أن تجاوز الـ35 بقليل وترك أكثر من ألفَي لوحة فنية.. تلك المنجزات التي تعد عليها السنوات الفعلية للحياة.

لقد كانت السنة الماضية تعيسة مثل حياة فان كوخ، وأتمنى أن تكون هذه السنة سلسلة مثل موسيقى موزارت.. نتمناها سنة للإنجاز وليست رقماً يُذكّرنا بتقدّم أعمارنا.