الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

النخب والجمهور.. لمن زمام القيادة؟

أدركت بعض النخب أهمية وسائل التواصل الاجتماعي كإعلام جديد، فاعتلت منابره وشاركت فيه بفاعليّة، لتستقطب كثيراً من المتابعين غير التقليديين، ومن فئات عمرية قلما تابعت بجدية أو اهتمت بمنتوجات أفكارهم سابقاً.

هذا ما أسهم بنشر الوعي والانفتاح على الفكرة ولكن بأسلوب مختصر وسريع عبر تغريدات ومنشورات تتم المساهمة بها، ويمكن مراجعتها والاطلاع عليها بكل وقت، والتفاعل معها سلباً أو إيجاباً، مع طرح مختلف وجهات النظر بشأنها، لتسهم بتشكيل ظاهرة حديثة لم يعرفها الوسط الشعبي من قبل.

لكن الصورة الأعم مع ذلك لا تبدو وردية كظاهرها، فلا يزال العديد من النخب ذوي المكانة المرموقة غائبين عن المشهد، فهم محبطون وخائفون ومتوجسون، فالظهور العلني قد يعني انسياقهم لثقافة القطيع، ومواءمة مواقفهم مع ما يريده الجمهور ومن يتحكم بتوجهاته، كما أنها مترددة بالإقدام على خطوة ستكون ربما وسيلة لإقصائها أو تغييرها لمبادئها، أو خائفة من تجاهلها ومواجهتها بما لا تستطيع الرد عليه وإنكاره إن خالفت التيار العام السائد، الذي باتت السوشيال ميديا أسيرة له في مواضيع ومواقف مختلفة.


إن مشكلة زمام قيادة الجمهور بدل النخبة التي باتت تتبعه، والتي تحرص على أن تكون مواقفها وآراؤها متوافقة مع ما يطلبه، هي المعضلة، فبعض جماهير وسائل التواصل ليس حرَّ الإرادة ومستقل الفكر، وانجراف النخب خلف ما تريده سيؤدي لأن تسود أدلجة المواقف، في حين تغيب الحيادية والرأي المستقل عن المشهد، في تناقض مع ماضٍ قريب كانت للصفوة فيه القيادة، والتأثير الأقوى مهما اختلف معها وما تطرحه، إلا أنها كانت تحظى بتمايزها الشعبي وخصوصيتها، ورؤاها المستقلة للأحداث والمواقف.