الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

السينما.. قانون الحياة

صالات السينما فيها نظام عجيب لا يمكن تشبيهه إلا بالحياة، نظام يتم تطبيقه واتباعه دون أن يكون مكتوباً أو مقررّاً على الحاضرين، فالتحدث بصوت عالٍ أو الوقوف أمام الناس أو حجب الرؤية عنهم، وغيرها من السلوكيات التي من شأنها تعكير صفو المشاهدين مرفوضة تماماً.

كنت في حوار مع صديقي الإعلامي العُماني عبدالله الذهلي الذي شبّه العالم بسينما كبيرة، وذكر ذلك القانون غير المعلن الذي يلتزم به الحاضرون في السينما، من باب الأدب والذوق والتحضر، فالتزام الإنسان بالذوقيات والأدب واحترام خصوصيات الناس لا يحتاج إلى لائحة أو إرشادات، بل يحتاج إلى أن نتبع مشاعرنا وهمسات ضميرنا.

وتبدأ عملية الدخول إلى السينما بالحصول على التذكرة مقابل مبلغ مالي معلوم، ثم تكون الخطوة الثانية باختيار الصف الذي يقع فيه الكرسي، ثم اختيار موقع ورقم الكرسي، والالتزام بالكرسي الذي تم اختياره في صفه وموقعه ورقمه.


ثم تبدأ عملية الدخول من خلال اطلاع الواقف على باب الصالة على التذكرة، ثم يقوم ذلك الشخص بقطع جزء من تلك التذكرة إيذاناً بالدخول، ومنعاً لدخول حامل التذكرة مرتين للعرض ذاته بالتذكرة نفسها.


ثم تبدأ عملية الجلوس بالاعتماد على مرشد الصالة الذي يرتدي الزيّ الأسود ويحمل مصباحاً صغيراً في يده، ويحدد سيرك في ممرات الصالة باتباعك لبقعة الضوء تلك التي تخرج من مصباحه الصغير.

في السينما تكون المشاعر متوافقة، فالناس يحزنون لحزن المشهد الذي يشاهدونه، ويضحكون لمشهد آخر، وقد يبكون لحدث مأساوي أو يفرحون لمشهد سعيد، قد يسود الهدوء في أوقات، وقد تلتهب الصدور لمشاهد أخرى، في السينما قد تتوحد الآراء وقد تختلف تلك الآراء حول جزئيات بعينها.

في بعض العروض السينمائية قد يصفق الجمهور بشكل منتظم، وقد يصرخ الجميع في صوت واحد لحدث ما في مشهد معين، كل ذلك دون سابق تخطيط، تتوحد المشاعر وردود الأفعال من خلال التشارك في الحدث، ومن خلال اتباع موجات الإحساس المتواصلة والمتصلة.