الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

السرقات الأدبية من «التناص» إلى الوقاحة

تتفاعل في المشهد الثقافي والإعلامي المصري منذ أسابيع قضية سرقة أدبية من نوع خاص، حيث طالت يد السارق هذه المرة قصائد للشاعر العربي الراحل نزار قباني، الذي تتسم قصائده بالتداول الكبير ليس في الأوساط الأدبية فحسب، بل في الأوساط الشعبية كذلك، حيث يتبادل العشاق قصائد نزار ويستمعون للأغاني المأخوذة من نصوصه.

وربما تكون قصة السرقة الأدبية تلك واحدة من أكثر القضايا تداولاً في السنوات الأخيرة، بعد أن دبّ الملل في نفوس صائدي لصوص الكلمة الذين بات تتبعهم ورصد أفعالهم ضرباً من المستحيل في ظل شبكة الإنترنت التي جعلت السرقات الأدبية أكثر يسراً وسهولة، كما جعلت من كشف تلك السرقات أمراً يسيراً كذلك من خلال استخدام محركات البحث التي تصل عناكبها لكل زاوية في مواقع الإنترنت.

وفي الواقع أن الحديث عن السرقات الأدبية فقد كثيراً من بريقه الإعلامي والثقافي بعد أن تحول من حالات فريدة ونادرة قبل عقود، إلى ظاهرة لا يمكن محاصرتها، أو الحد من وقاحة المتهمين بها، الذين باتوا يأخذون كتباً ودواوين ونصوصاً كاملة ويضعون أسماءهم عليها.


ومع بداية ظهور الإنترنت في الوطن العربي واتساع دائرة مستخدميه، أخذت ظاهرة السرقات الأدبية منحى آخر وتعددت مظاهرها ووسائلها، وأنشأ بعض الكتّاب العرب منصات لرصد هذه الظاهرة التي طالت أحياناً بعض الأسماء الكبيرة في المشهد الثقافي، لكن تلك المراصد تعطلت في نهاية المطاف بفعل قوة الظاهرة واتساع رقعتها.


والمتتبع لظاهرة السرقات الأدبية يجد أنها قديمة قدم الشعر، حتى إن المتنبي نفسه رد على أحد الذين اتهموه بالسرقة بالقول: «أما ما نعيته عليّ من السرقة فما يدريك أني اعتمدته وكلام العرب بعضه أخذ برقاب بعض وأخذ بعضه من بعض، ولا أعلم شاعراً جاهلياًولا إسلامياً إلا وقد احتذى واقتضى واجتذب واجتلب».

لذلك فيفضل عدم الاتهام بالسرقة خشية الوقوع في المظنة، وإنما نقول: قال فلان كذا وقد سبقه فلان فقال كذا.

والفارق الجوهري بين الاتهامات بالسرقة الأدبية بالأمس واليوم أن هناك فلسفة نشأت في تبرير الاختلاسات الأدبية بوصفها اقتباسات أو مجرد تناص أو «توارد خواطر» بحيث يقع الحافر على الحافر، بينما باتت الحال اليوم أن هناك من يسرق الجمل كاملاً بحمولته الأدبية، وينسبه لنفسه.