الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أبو العلا.. للتميز فرسان

أحياناً يختزل لك إنسان معالم المكان لتبقى بصمة صنيعه وعطر أخلاقه وخصاله، ورحابة صدره، وحسن وفادته هي الحاضرة معك، تذكاراً لا يغيب كلما غزاك الحنين إلى فرسان التميز وأصحاب الأداء الاستثنائي؛ أولئك المتفردون بالرقي والارتقاء، يستيقظون كل صباح وأحلامهم تداعبهم بسؤال: كيف أسعد اليوم إنساناً لكي أكون أنا الأسعد بما كان؟

جمعتني به معرفة عابرة حين كنت أراجع أحد مراكز الرعاية الصحية، أسرني آنذاك بحياء نادر ورقي يخجلك ويوصلك إلى إعجاب وإرباك في آنٍ واحد، لأنه مسؤول يقدم موجبات وظيفته برحابة صدر نادرة، وشموخ أكثر ندرة وتواضع غير معتاد، يضعك فى تحدٍّ أمام نفسك، فتسأل: كيف تستجمع حروف الثناء لشخص قلبه بين صدره ونبضه معك عبر دفء مودته وسعة صدره؟

ما جعلني أتوقف أمام شخصيته هو حديث أحدهم عنه في غيابه لا يعلم أني أعرفه، لتجده رغم غيابه حاضراً بجميل خصاله، فأنت أمام مجموعة قيم إنسان يلتحف رداء الاكتفاء، ويمتلك شخصية غنية وثرية تبدع في خدمة أخيه الإنسان بصمت الأفعال وشيم الرجال.


ما أن يسير معك حتى تستشعر أن الطاقة الإيجابية قد حلَّت حولك ومعك، فهاتفه لا يتوقف ليقدم العون للآخرين ولسانه لا ينقطع عن بث الطمأنينة، وانتقاء كلماته، والحرص ألا يقترب من سجل عافيتك إلا بقدر ما يسمح به أثير البوح في صدرك.


في كل جمعة، يقطف زهوراً من بستان ليس كأي بستان ليرسلها كلمات معدودات، لكنها شافية وكافية لترسم لك لوحة اليقين والسير بين الأنام قاصداً وجه الكريم المنان، أنقل لكم بعضاً من رسائله: «النور الذي تركته بداخل أحدهم يضيئك»، «تظن أنك حُرمت والحق أنك رُحمت»، «يبقى فقط جميل ما صنعت»، والحقيقة لوحة كلماته أقرب إلى وتريات شمس التبريزي وجلال الدين الرومي.

سألته في أحد اللقاءات: كيف حققت الرباعية الاستثنائية في زمن المادية والنفعية: شغفك بمهنتك وصنعتك، واستدامة بسمتك وبصمتك، ومتابعتك الدقيقة الأنيقة، وحصنك الحصين بما تمتلكه من يقين؟

أجابني: «أمتلك نعمة الحمد، ولا يغادرني الاستغفار، وحصدت طموحي عن آخره عبر الاستثمار في الرضا المستدام، ورصيدي من السعادة يزداد بإسعاد الآخرين».

هنيئاً لك أبوالعلا ولكل من يسيرون على دربك من فرسان التميز الإنساني، تعلَّمت منك دروساً بحجم المجرة في أدب العطاء والارتقاء.