السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مئوية «ثروت عكاشة»

تحل يوم السبت المقبل (27 فبراير)، مئوية الراحل ثروت عكاشة، الذي ولد في مثل هذا اليوم (18 فبراير) من سنة 1921، وتولَّى وزارة الثقافة في مصر مرتين زمن الرئيس جمال عبدالناصر، وتستعد وزارة الثقافة المصرية للاحتفاء به طوال هذا العام.

لم يكن ثروت عكاشة أول وزير ثقافة في مصر، فقد سبقه الراحل فتحي رضوان، الذي تأسست وزارة الثقافة علي يديه، لكن رضوان غادر موقعه بعد شهور، بينما تولي د. عكاشة الوزارة مرتين، الأولى من 1958 حتى سنة 1961، ثم عاد ثانية بين 1966 وحتى 1970 ما أتاح له تحقيق مشروعه الثقافي الضخم، سواء بتكوين المؤسسات الثقافية أو رعاية الإنتاج الثقافي، ولعب دوراً كبيراً في إنقاذ معبد أبوسنبل من الغرق أثناء بناء السد العالي، وجعل منها قضية عالمية.

شخصية عكاشة ومشواره الثقافي والفني يؤكدان أن كثيراً من الثنائيَّات التي تشغل بعضنا تحتاج إلى مراجعة، فهو رجل عسكري تخرَّج في الكلية الحربية سنة 1939، ثم في كلية أركان الحرب، ثم درس في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة) ونال دبلوم الصحافة سنة 1950، وبعدها واصل دراساته العليا، حتى حصل على الدكتوراه من جامعة السوربون.


وشارك عكاشة في حرب فلسطين سنة 1948، حيث كان ضابطاً بالمخابرات الحربية، وقدَّم شهادة مهمة عن تلك الحرب في مذكراته، بعدها انضم إلى تنظيم الضباط الأحرار، ولعب دوراً مهماً في نجاح ثورة 23 يوليو.


ثروت عكاشة مثل محمود سامي البارودي ورفاعة الطهطاوي وعلي مبارك في القرن التاسع عشر، ومثل يوسف السباعي وحمدي محمود والدكتور أحمد خليفة وآخرين أثبتوا أن التضاد والتباين المتوهم بين العسكري والمدني، لم يعرفه تاريخنا الحديث ولا القديم، لكنها فكرة تم تصديرها إلينا، وتلقَّفها البعض منا وراحوا ينفخون فيها.

مع ثروت عكاشة أيضاً تتراجع ثنائيَّة المثقف والسلطة، وهو كاتب ومفكر كبير، وأيضاً كان وزيراً ثم نائباً لرئيس الوزراء، وفي زمن الرئيس السادات كان حتى سنة 1972، مساعداً لرئيس الجمهورية، لقد كان وزيراً ومسؤولاً ناجحاً، رغم الهجوم الذي تعرض له سنة 1966 من بعض المثقفين، كما تميز بالنبل والتواضع، لذا أُطلق عليه «فارس الثقافة العربية».

في فبراير 2012 غادرنا إلى دار البقاء، وقد ظل يكتب حتى سنواته الأخيرة، وقد جمع بين الاهتمام بأصول التراث العربي والفكر الغربي، وكان آخر ما أصدره كتابه عن «مارك شاجال»، الذي أكمل به موسوعته الفنية الكبرى «العين تسمع والأذن ترى».