الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الثقافة في المتاحف العُمانيَّة

«تعيد السياحة إنتاج عدد من الثنائيات والملابسات الخاصة بعصرنا»،

هكذا يقرر مارك أوجيه في كتابه «الزمن أطلالاً»، حيث يناقش جماليات الأطلال بوصفها فنّاً نسعى إلى الاستمتاع به، كما هي الحال في زيارة المواقع القديمة، والرحلات عموماً التي يصفها بأنها (منتج) تطور حتى استطاع الأفراد شراءه من أجل المعرفة والتجربة والإمتاع.

ولعل المتاحف من تلك (المنتجات) السياحية التي يتم خلالها عرض مقتنيات ذات أبعاد تاريخية تحمل مجموعة من الذكريات لدى شعوب بعينها، فهي دالة على عراقتها وحضارتها، وبالتالي فإن عرضها في متحف ما، يقدم للزائر فرصة التعرُّف على صور تلك الحضارة في أنماط ثقافية دالة، على الرغم من وجودها في حيز مكاني مصطنع إلا أنها تقدم تاريخاً يجذب الزائر الباحث عن سحر التاريخ.


ولقد اهتمت سلطنة عمان كغيرها من دول العالم بالمتاحف بوصفها تقدم التاريخ الحضاري في أنماط عدة، فهي نوافذ ثقافية دالَّة على الحقب التاريخية المتعددة التي عاشتها عُمان في تاريخها الممتد، حيث تكشف هذه المتاحف التاريخ السياسي والاجتماعي والطبيعي والجيولوجي، الدال على التنوع الثقافي وأثر الانفتاح الفكري والحضاري لعمان مع غيرها من دول العالم منذ القدم.


لذا فقد شكَّلت المتاحف أحد أهم المعالم الحضارية الحديثة في عُمان، ويأتي المتحف الوطني العُماني في مقدمة تلك المتاحف، حيث يضم ـ بحسب إحصائية 2020 ـ ما يزيد على 7 آلاف قطعة أثرية، أغلبها من المقتنيات النادرة التي تعود إلى مراحل زمنية قديمة، إضافة إلى عشرات الآلاف من المقتنيات الأخرى التي تؤرخ لمختلف الحقب التاريخية لعُمان، منذ بداية الاستيطان البشري وحتى الوقت الحاضر.

وبالإضافة إلى المتحف الوطني هناك (متحف التاريخ الطبيعي)، الذي يعرض معالم البيئة العمانية، حيث يقدم للزائر عروض التضاريس، والجيولوجيا، والنباتات، والحشرات، والحيوانات البرية والبحرية، كما يقدم (متحف أرض اللبان) من خلال موقعه في منطقة البليد الأثرية في محافظة ظفار تاريخ عمان على مر العصور، إذ يعرض مقتنيات في أقسام ستة، وقاعة بحرية تنفرد بعرض تاريخ عمان البحري.

وهناك متاحف متخصصة عدة، منها (متحف الطفل)، و(متحف قوات السلطان المسلحة)، و(متحف النفط والغاز)، و(متحف العملات النقدية)، و(المتحف التعليمي)، إضافة إلى العديد من المتاحف الخاصة المنتشرة في محافظات السلطنة، التي تسعى إلى تقديم الحضارة العمانية وتمازجها مع الأنماط الحديثة.. إنها صروح ثقافية تقدم التاريخ في أنساق معرفية، ولا تؤسس للفرجة والإمتاع وحسب، بل أيضاً تجعل منها تجربة معيشة.