الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«حسن قايد الصبيحي».. البسمة والدرس

فقدت الساحة العربية يوم السبت الماضي (27 فبراير) الدكتور «حسن قايد الصبيحي»، وهو قامة إعلامية، كتبتْ لأجيال، ودرِّست لأجيال أخرى من الطلاب، هم اليوم قادة مؤسسات إعلامية في الإمارات وخارجها، وأسمعتْ صوت أهل الاختصاص والباحثين الجادِّين في فضاء إماراتي شارك فيه بوعي، من خلال الكتابة الصحفية والتدريس والبحث العلمي والمجال الأكاديمي بشكل عام.

في تميِّزه الإعلامي ـ رحمه الله ـ كشف عن نوع جيل من الإعلاميين الأوائل في الإمارات، الذين اشتد عودهم قبل الأوان، فتخطّوا شروط الزمن ومقتضياته، لأنهم كانوا جزءاً من زمن الرشد، حين كانت حكمة الشيخ زايد ـ رحمه الله ـ تدفع الأجيال بحب لما يكون للحكمة من خير كثير.. لحظتها كان الفعل المنتج في جميع المجالات تعلقاً بغيب أفق قد حان غده، وكان على الإعلام ـ وهو لا يزال في بدايته ـ أن يكون جزءاً من مشاعر وطنية تجاه اتحاد قام ليبقى.

لذلك حقّ له أن يظل مزهوّاً أيام عمره، لأنه شاهد على تجربة وطنية ناجحة، ومشارك فيها، وبالتأكيد كانت فرحته أكبر وهو يرى الإمارات في تعلقها بالآمال الكبرى والأهداف النبيلة تتخطَّى محيطها، وتعزُّ قومها وأمتها، وتشارك الآخرين في بناء الحضارة الإنسانية المعاصرة فوق الأرض، وفي الفضاء.


للذين يعرفون حسن قايد الصبيحي، وللذين لم يقرأوا كتاباته وكتبه أو لم يتتلمذوا على يديه، أقول: أذكره اليوم، وفي عينيَّ وفي عيون غيري دموع، وفي القلب حزن على رحيله، لكن لا أنسى حضوره يوم أن كان بيننا، فقد كانت له طقوس مميزة لم تكن عبادة، ولكنها كانت حالاً من الفرح الدائم.. لم نحافظ عليها حين تجلَّت واقعاً، ولم نبحث عنها حين غابت عنا حقيقة، واعتبرناها في معظم اللقاءات مجرد تعبير عن شخصية اختارت «البسمة» منهجاً، لكنها تبدو لنا اليوم إمكانيّةٌ لقيام إعلام صادق وحقيقي يسعد الناس، ويبعد عنهم أصوات الصخب المبتذلة أو الأخرى المتعاطفة مع أهل الظلم والظلم والعنف بكل أنواعه.


أيها الرحيل العزيز، إذا كان لي أن أعود من فضاء العام وما أوسعه، إلى حيث الخاص وما أضيقه، فإني أراك حاضراً بيننا رغم الرحيل، تسبق بسمتك أفكارك، ثم تلحق بها هذه الأخيرة، حتى أنهما تبدوان حين تلتقيان «كضحك طفلين معاً» كما قال الشاعر أحمد في قصيدته «الأطلال»، فيَسْبَقان التوقع، ثم يكونان وحدة صدى تتردد في الكون، مخترقة لحجب العزلة، مثلما اخترقتَ يوماً حجب الظلام، ومن فعلها ـ الذي هو فعلك ـ نتعلم نحن الإعلاميين العرب درساً منك.