الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الطالب صانع العطور والمعلم

لكل موهبة صوت لا يمكن أن يُسمع أحياناً، صوت يختبئ مرات لفترات طويلة، ومرات أخرى يظهر هذا الصوت ليهز الجدران والعقل وبواقي الأشياء.. هذا الصوت يعرفه جيداً كل هؤلاء الذين يحملون في أروقة رؤوسهم النظرة التخيلية لما هو مقبل، والكثيرون يحافظون على سرية صوت مواهبهم، لا يرغبون بأن تظهر على السطح إلا بعد أن يتأكدوا من أنهم قد أعدوا أنفسهم تماماً للخروج للعلن.

الخوف طبيعي جداً فلربما يتحول صوت الموهبة إلى طنين مزعج، أزيز غريب يخترق جدران صاحب الموهبة، حتى فجأة يفتقد كل ملامح الصوت الذي كان ينمو بداخله.

قبيل أيام بينما كنت في أحد غرف البرنامج الجديد «كلوب هاوس»، تحدث أحد الأساتذة عن صوت طالبه، الذي لم يكن يدرك أنني على معرفة به، لقد جاء الحديث عرضياً، ربما كنت وقتها أحاول أن أستشف من البعض مواهبهم المختبئة، الصوت الذي لا يسمع، الذي يخاف، الذي ترتعد أطراف جسده، لو علم أحدهم عن أحلامه.


ولنعد للطالب النجيب الذي جاء يوماً إلى معلمه في المدرسة، وقال له إنه يعشق العطور، وأن لديه في غرفته معملاً صغيراً، يقوم من خلاله بصناعة العطور، وقد دهش المعلم من الصوت الذي خرج من الطالب الذي أصبح من أشهر مالكي العطور في الخليج.


وفي اليوم التالي أحضر الطالب قنينة عطر وأهداها لمعلمه.

لقد بدا المعلم الذي أصبح أستاذاً في الجامعة، فخوراً بطالبه الذي لم يتخلَ عن حلمه.

المدهش في كل ذلك، أنه اختار معلمه تحديداً ليخبره بأحلامه ويتشارك معه أسراره، وهذا دور المعلم حينما يكون أباً ونموذجاً أعلى.