الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

حياة الكاتب السرية

أن تجمعك الصدفة برواية جيدة، في مكان لم تقصده للقراءة أصلاً.. فهذا شيء يدعو للتفاؤل، خصوصاً لو كان اليوم في بداياته.

«حياة الكاتب السرية» للروائي الفرنسي الشاب غيوم ميسو.. العنوان وحده حكاية، أخذتني معها إلى عوالم خفية يعرفها الكُتّاب الحقيقيون جيداً، حتى وإن أنكروا وجودها.

لن أسترسل في وصف الرواية، حتى لا أحرقها على الراغبين في قراءتها، لكن سأتوقف طويلاً عند العنوان، وعند الحياة السرية التي لا تخلو منها حياة مبدع.. كاتباً كان أو شاعراً أو موسيقياً أو رساماً.. أو غير ذلك.


لو كنا متشابهين لما احتجنا إلى عوالم خفية نظهر فيها بشخصياتنا الحقيقية، التي نخاف رفض الآخرين لها، لكن المشكلة في الاختلاف وفي المجتمعات التي تتوقع من أفرادها التطابق الكامل في الأفكار والمشاعر والاهتمامات، يضطر المبدع إلى أن يستخدم أقنعة، وفي كل مناسبة يرتدي القناع المناسب لها، وعندما تنتهي الحفلة التنكرية، يعود لعالمه السري الخاص ليهنأ ببعض الراحة.


في حياتنا السرية نعود إلى كينونتنا الحقيقية، إلى جوهرنا النقي الصافي الخالي من الكذب والنفاق والتصنع، نعود إلى إنسانيتنا المفقودة، إلى ضعفنا البشري، إلى صراعنا الأبدي مع نزواتنا الدفينة.

عندما يسألني أحدهم عن أسرار الإبداع في الكتابة، تقفز إلى ذهني فكرة الحياة السرية، فيوشك لساني أن ينطق بالسؤال المشكوك في أمره: «هل لديك حياة سرية؟».

لكني أتراجع في اللحظات الأخيرة، وأكتفي بإجابات معلبة، جاهزة.. لا تُخرج سامعها من مناطق الراحة التي ألفها، واعتاد عليها.