الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الغباء الكِتَابي

قبل كل شيء نعتذر للقارئ عن التلوث البصري الذي قد يشعر به نتيجة اختيارنا عنوان المقالة «الغباء الكتابي»، ولم نقصد تشويه واجهة المقالة بهذا العنوان البشع، ولكننا بحاجة أن نسمي الأمور بمسمياتها الصحيحة حتى نعطي الموضوع حقه.

واختيارنا عنوان «الغباء الكتابي» ليس لتوجيه إساءة لأي كاتب بيننا وبينه اختلاف في الرؤى أو الانتماءات أو الميول أو الاصطفاف، كما لا يندرج من ضمن الغباء الكتابي ندم بعضنا على موضوع كتبناه بعد نشره.

ولن نكون قساة لنصف من لا يملك جميع أدوات الذكاء الكتابي بالغباء الكتابي، لأن عدم امتلاك أدوات الكتابة قد يُبعد الشخص عن دائرة الذكاء الكتابي قليلاً، ولكن لا يدخله مباشرة في فئة الأغبياء كتابيّاً، فإذا قَلّت درجة ذكاء الشخص في شيء ما، فلا يمكن وصفه مباشرة بالغبي لأن هناك مراحل يقطعها الذكاء نزولاً حتى يصل الشخص للبدء بدرجات الغباء.

ومن صور الغباء الكتابي هو عدم احترام بعض الكُتّاب عقل القارئ، فهم يكررون في كتاباتهم ما كتبه سلفهم من كتابات تفتقد لمعايير الأمانة العلمية، كما أن البعض قدس الكاتب أكثر من كتابه الذي يفتقر لأبسط قواعد المنطق والعقل.

وكلما أصبح الرأي الباطل للكاتب السابق مُعَتَقاً، فإنه يصبح عند البعض من المسلمات المنزهة من أي تشكيك، ومرجعاً موثوقاً لمن ينقلون أو يقتبسون من كتاباته! وهكذا تتدحرج كرة الغباء الكتابي من زمن إلى آخر، والويل والثبور لمن أراد أن يكشف الحقائق التي تخالف تلك الكتابات، ولقصور مواجهة الحجة بالحجة فيتم توجيه الاتهامات له بأنه من المفسدين والجاهلين!.

وقد يخرج بعد فترة مِن الزمن مَن يستخف بذكاء القراء، ويقوم بترقيع أو تنقيح كتابات من سبقوه، كمحاولة منه ألّا يترك مجالاً للغير أن يقترب وينسف ما جاء في تلك الكتابات من أخطاء وترهات، أو أن يتم كشف زيفها، وبهذا يتم تجديد الغباء الكتابي لأجيال قادمة.

وفي أيامنا هذه تكتمل كارثة الغباء الكتابي مع وجود فئة متبرعة بالضغط على أزرار الاستقبال والإرسال لإعادة الحياة لتلك الأباطيل والأكاذيب، ولكن المضحك المبكي أن البعض من المتبرعين بالإرسال يضيف كلمتين أو أكثر على ما قرأه كتعبير عن مشاعره، وعندما تصل تلك الكلمات للبسطاء منهم يحسبونها جزءاً مما كتبه الكاتب الأول الذي بنى كتاباته على أسس غير دقيقة.