الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الطريق إلى بناء المعرفة

يتعامل كثير من الناس مع افتراضاتهم على أنها معرفة أصيلة ذات موثوقية عالية، وسواء ملكوا المبررات والحجج لهذه الافتراضات أم لا، فإنهم يشرعون في ترتيب الأولويات ورسم خارطة الطريق بناء على هذه المعرفة.

الحاجة إلى الفكر والمعرفة أمر جوهري بالنسبة إلى الكثير، لأن ذلك يبني نوعاً من الإطار العقلاني الذي يمكّنهم من التحرك ضمن دائرة الأقوال والأفعال المستندة إلى تلك المعارف، كنوع من المرجعية التي يأنس بها العقل ويرتاح الضمير، فإن صحّت المعرفة صحّ الفعل وانتظمت الحياة.

لكن ماذا لو تحرّكنا خارج منطقة الراحة قليلاً، ثم وجدنا أجزاء من المعرفة ناقصة وضعيفة – وهذا طبيعي بالنظر إلى حدودنا البشرية؟، أو أننا اكتشفنا أن الحجج المؤدية إلى المعرفة بحاجة إلى مزيد من الاختبار؟

إن المعرفة بطبيعتها التراكمية مرنة تسمح بهذا النوع من التراجع، والترميم والتجديد، بما يتناسب مع المعطيات الجديدة، بالتالي لا يمكن للمعرفة أن تكون في خطر طالما تتبع نهجاً شمولياً لا يستند فقط إلى تبرير فرضياتنا والدفاع عنها وحسب، بل وضع الأقطاب المتماثلة والمختلفة على مائدة واحدة للتشريح والتحقيق.

إن هذا النوع من المواجهة في تداول الأفكار يستدعي حرصاً مضاعفاً للنظر في الجزئيات كافة، ولو ضعُفَت الأدلة، فلن يعني ذلك أن المعرفة في خطر، بل سيعني أنها متجددة حتى في حالات الدحض، وأن اكتشاف مكامن الخلل يقود في حد ذاته إلى رؤية جديدة.

وعملية البحث عن سبل بناء المعرفة هي جوهر التجديد والابتكار الذي يجعلها حية متّقدة على الدوام، تنسجم مع الأقوال والأفعال، وتنعكس على المجتمعات المتجددة والمتنوعة بأفكارها، ورؤاها، ومعتقداتها، توحّدها أطر حضارية، وتقودها قيم إنسانية.