الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

بين رسالتيْن

يُعتبر كتاب «مراسلات ألبير كامو وماريا كازاريس» من أهم إصدارات الروائي ألبير كامو، بعد 60 سنة من وفاته، الكتاب يجمع بين دفتيه أكثر من 865 رسالة بين كامو والممثلة الإسبانية الفرنسية، ماريا كازاريس، وعلى الرغم من سرية هذه العلاقة، لأن كامو كان متزوجاً من أستاذة الرياضيات، فرانسين فور التي التحقت به مباشرة من وهران بالجزائر إلى باريس بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

كان وقتها كامو قد دخل في عمق علاقة استمرت حتى النهاية، وقد كتب عنها لوتمان في: سيرة ألبير كامو في (1985)، وأوليفيي تود في «كامو، سيرة حياة» في (1999)، وسيرة ماريا كازاريس التي كتبتها بنفسها: المقيمة المحظوظة (1980)، وسخرت من سرية العلاقة التي سمتها: «السر الذي يعرفه الجميع ويخفونه».

تخطَّى كامو في رسائله، معضلات وقته التي كانت تعني له الكثير، وكأنه كلما حاول الكتابة لماريا، تخفّى، داخل فقاعة تفصله عن العالم الخارجي، لا شيء عن الحرب المشتعلة في 1954، في الجزائر، ولا كلام عن أحداث مايو 1958 التي هزت فرنسا، ولا شيء عن عودة الجنرال دوغول إلى الحكم وإنشاء الجمهورية الخامسة، ولا إشارة جادة عن الاجتياح السوفييتي للمجر.


هذا الحب كبر بسرعة بسخاء وعنف، عندما التقيا لأول مرة، كان عمرها 21 سنة، وعمره 30. اثنتا عشرة سنة، من الحياة التي جسدتها هذه المراسلات، فعلى مدار 865 رسالة كبرت هذه القصة التي بدأت بلقاء عابر في 6 يونيو 1944، في باريس عند صديقهما ميشال ليريس بمناسبة قراءة مسرحية بيكاسو، وتعمقت لتصبح حباً كبيراً نشأ في عز المعركة ضد النازية، وانتهى هذا الحب برسالة كامو الأخيرة التي كتبها قبل 4 أيام من موته، في 30 ديسمبر 1959، في 4 يناير بيته العائلي في لورمران، برفقة ميشال وجانين وآن غاليمار، بينما كانت زوجته فرانسين قد غادرت قبل ذلك بالقطار.


في نفس اليوم تحدث الكارثة، ويموت ألبير كامو في الحال، بينما يموت صديقه ميشال غاليمار، في المستشفى بعد 5 أيام، يقول في رسالته الأخيرة: «طيب. آخر رسالة، فقط لأخبرك بأني قادم يوم الثلاثاء.. ويمكننا منذ اللحظة أن نتفق على العشاء معاً.. لنقل مبدئياً الثلاثاء، فنحن لا نضمن صدف الطريق»، ختمت هذه الرسالة كتاب المراسلات و«الحياة السرية»، ولولا شجاعة وجرأة ابنته كاترين كامو لما عرفنا هذه المراسلات، فقد سلمتها ماريا لروني شار، ليسلمها بدوره لكاترين.