أعاد مسلسل «الاختيار» في موسمه الثاني تجسيد فصول جديدة من الصراع الشرس، الذي خاضته الدولة المصرية في مواجهة الإرهاب الذي أراد فرض واقع مغاير لإرادة المصريين.
وقدم المسلسل الذي حظي بمتابعة واسعة من المشاهدين العرب، نماذج ساطعة لأبطال مصريين تصدروا مواجهة الإرهاب، ونجحوا في تحجيمه وإضعافه، وضحى كثير من هؤلاء الأبطال المعلومين والمجهولين بأرواحهم فداء لوطنهم.
كما كشف المسلسل عن التناغم وتكامل الأدوار بين الأمن والجيش المصريين، في القيام بهذه المهمة الشاقة التي أنقذت مصر من خطر مؤامرة كانت تستهدف الأرض والإنسان.
واستطاعت شخصيات حقيقيّة قدمها المسلسل المصري أن تجذب اهتماماً شعبياً مصرياً وعربياً غير مسبوق لدورها المحوري في تعرية جذور الإرهاب، وملاحقة عناصره وإحباط عملياته، التي لم تميز في تلك المرحلة بين المدني والعسكري والخاص والعام.
ومن أبرز تلك الشخصيات، الضابط المصري الشاب «محمد مبروك» الذي تولَّى مهمة أمنية بالغة الخطورة من خلال توليه ملف جماعة الإخوان والفصائل الإرهابية الأخرى المرتبطة بها، ولم تنحصر مهمة هذا الضابط في ملاحقة وتتبع الإرهابيين، بل تجاوزت ذلك للبحث في خلفياتهم الفكرية وجذور حركتهم وأهدافها ووسائلها في تنفيذ تلك الأهداف، وكذلك صلاتها الداخلية وارتباطاتها الخارجية، وهي المهام التي جعلته على رأس قائمة أهداف المنظمات الإرهابية التي اغتالته بشكل غادر يمثل نهجها في تصفية الخصوم.
كما قدم المسلسل شخصية عسكرية مصرية أخرى تركت بصماتها في تاريخ مكافحة الإرهاب، وهو الضابط أحمد منسي، قائد إحدى كتائب الصاعقة في الجيش المصري، التي خاضت حرباً لا هوادة فيها ضد فلول الإرهاب في سيناء، قبل أن يستشهد تاركاً وطناً أكثر أماناً بسبب تضحياته وزملائه.
ويمثل مسلسل «الاختيار» نموذجاً للدراما الوطنية الهادفة، التي تخلد ذكرى الأبطال المجهولين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بلدهم، كما يُذكر مثل هذا العمل المصريين والعرب عموماً بفظائع الإرهاب، من خلال حشد عملياته الإجرامية في صورة مكثفة لا تبارح الذاكرة الجمعية، بحيث لا تنسى الشعوب تضحيات أبطالها ولا جرائم أعدائها.
وفي الجانب الفني يمكن القول إن مسلسل «الاختيار» واحد من الأعمال الدرامية العربية الفائقة الجودة، والتي ترقى لمستوى الدراما العالمية من خلال مستوى الإقناع، خصوصاً في إعادة تجسيد المعارك العسكرية التي خاضها الجيش المصري ضد الجماعات الإرهابية، والتي اقتربت كثيراً من الواقع بحسب شهادات ضباط وجنود شاركوا في تلك المواجهات.