الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

هُمْ.. والتواصل الاجتماعي

تكثر الادعاءات هذه الأيام خصوصاً ادعاءات (الشهرة والعلم) فمن جاهِد للادعاء أنه من المشاهير (بالتظاهر)، وجمع إشارات الإعجاب بل تسولها أحياناً للظهور بالمظهر المطلوب، ومن ادعاء العلم وهو ادعاء ذو شقين، الأول: الإكثار من الاقتباسات لأقوال وشواهد من فضاء المعلومات، وثانياً: إغراق الناس بوصفات طبية وشعوذات لا نتيجة لها إلاّ الفشل.

غريب ذلك السلوك الذي يتصف به جمع كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في تعاملهم مع الوسائل الافتراضية، التي اخترعت للتخفيف على الناس وزيادة تواصلهم، خاصة «فيسبوك»، فمستخدموه يتطبعون بطباع سلبية متشابهة، وكأنها مدرسة واحدة يتخرجون منها.

التكرار، الإصرار، والتظاهر بما ليس فيهم هي الصفات الأكثر شيوعاً، تكرار مظاهر بعينها باعتبارها حقيقة وهي أبعد ما تكون عنها، الإصرار على الظهور بمظهر ينافي تماماً الواقع، التظاهر بما ليس فيهم كالتظاهر بالجمال، والتظاهر بالرشاقة والتظاهر بالعلم والأدب.

أصبح فيسبوك ميداناً للتدليس والكذب الأبيض على حد زعم البعض، بل أصبح وكأنه حارة تجمع قليلاً من الخيّرين وكثيراً من الأشرار، الذين يجبرون الخيّرين من أهل تلك الحارة على الانصياع إلى تفاهات وانحرافات لا يرتضونها رغما عنهم.

الوسيلة الأخرى من وسائل التواصل تلك، هي «واتساب» التي باتت مزعجة جداً، ومصدر إزعاج لا مثيل له من خلال رسائل جماعية تافهة، ونشر محتوى ديني متطرف وعلاجات طبية غير مفيدة وغير مجربة، وما إلى ذلك من رسائل فحواها صور باقات ورود ومساجد وطيور وطرائف غير طريفة.

الشاهد، أن مالك فيسبوك هو الذي اشترى واتساب، وكأنه يعرف الرابط بين الاثنين ووجه الشبه بين مستخدمي هاتين الوسيلتين، خاصة أسلوب التكرار ونشر التوجهات الفكرية والعقدية والتفاهات التي لا طائل من ورائها.

في الواقع كنت أظن بأن تلك الخصال المذكورة خاصة بالعرب فقط، لكنني تأكدت بالتجربة بأنها عامة على غير العرب أيضاً، فإن وباء التفاهة والسطحية وجهل المتعلمين أصبح عاماً شاملاً لعموم أهل الأرض.. والله يستر !!