الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الإعلام.. وذيل الكلب

عام 1997 أنتجت هوليوود فيلماً من بطولة الممثلين دستن هوفمان وروبرت دي نيرو، بعنوان Wag the Dog، والذي أحدث هزه كبيرة وقت العرض، حيث تدور أحداث الفيلم حول استعداد رئيس أمريكي لجولة انتخابات جديدة، في ظل فضيحة أخلاقية قد تؤثر على إعادة انتخابه لولاية ثانية، فيتم استدعاء الخبير وحلال المشاكل روبرت دي نيرو، ليقوم بالاستعانة بمخرج هوليوودي كبير هو داستن هوفمان، فيخترع قصة شن غزو عسكري على إحدى الدول، بحيث تتم (صناعة حرب وهمية) في أحد استوديوهات هوليوود لإشغال الرأي العام الأمريكي عن الفضيحة، وبالطبع يستخدم المخرج كل المؤثرات الهوليوودية لصناعة تلك الحرب، فيختارون دولة لا يعلم عنها الشعب الأمريكي أي شيء ولا تملك قوة إعلامية من أجل الرد أو تكذيب هذه الأخبار الإعلامية، فيقع الاختيار على دولة ألبانيا الصغيرة، فينشرون عنها مواضيع وقصصاً مفبركة عن كونها دولة ديكتاتورية ولديها أسلحة فتاكة، وشعبها كالعادة مغلوب على أمره، وتقوم القوات الأمريكية بالهجوم والانتصار السينمائي لينسى الشعب فضيحة الرئيس ويصوّتوا له في الانتخابات كبطل قومي.

هذا الفيلم يفضح وبقسوة دور الإعلام في تغييب عقول المشاهدين، لأن للإعلام أدواته وأجهزته، ويعرف كيف يوجهك وكيف يهزك، وفي الفيلم تري ما يدور من تحضيرات لخلق الأكاذيب خلف الكاميرا وإقناع الناس أمام الشاشات.

واقع الإعلام اليوم لا يختلف كثيراً عن ذلك الفيلم، غير أن تقنيات صناعة الخبر والصورة أصبحت متفوقة جداً، وأفضل مثال على ذلك قصة الصاروخ الصيني، حيث ضجت مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية بالمعلومات والتنبؤات عن فقدان إدارة الفضاء الصينية السيطرة على صاروخها، وتأتي هذه الحادثة في خضم تداعيات جائحة كوفيد-19.


وبذلك تفهم أن الآلة الإعلامية الأمريكية (مصدر أغلب تلك الأخبار) أوجدت تخوفاً عالميّاً من سقوط بقايا الصاروخ على مناطق مأهولة بالسكان، لتشكل ضغوطاً إضافيَة على الصين، لأنها تسعى لإطلاق رحلات فضائية تجارية تنافس الشركات الأمريكية، حيث يكلف شحن كيلوغرام إلى الفضاء عن طريق الشركات الأمريكية 40 ألف دولار، ولكن بدخول الصواريخ الصينية سوف تنخفض الكلفة لتصل إلى 5 آلاف دولار، وبالتالي تخسر الشركات الأمريكية فالمسألة كلها أرباح اقتصادية، لذا فالمشهد أمامنا يحتاج إلى صبر، وتأكد من المصادر، لأن الكذب والتزوير أصبحا أكبر من الحقيقة.