الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

استراحة قلم

من المعروف أن كُتاب المقالات أصناف، منهم فئة الموظفين الذين يتقاضون أجر ما يكتبونه في أعمدتهم، ويجادل البعض في قلم الموظف الإعلامي بأنه غير مهني، وهؤلاء لا يستطيعون التفريق بين المهنية والوظيفة، فقلم الموظف الإعلامي يبقى مهنياً ولكنه يتم توظيفه وفق رؤى وأهداف المؤسسة التي وظَّفته.

ومهما كان الوصف القاسي الذي يتعرض له قلم الموظف الإعلامي ومنها «السوفسطائية» فإنه يبقى شخصاً أميناً ومخلصاً للجهة التي وظفته، وأحياناً يكون شخصاً نادراً ومطلوباً لقدراته في تطويع قلمه لمن وظفه، فالسوفسطائية لا تخرج أي كاتب عن دائرة الإبداع الكتابي، إذا كان ملماً بكل فنون الكتابة ويخدم مصلحة الجهة التي يمثلها، لا سيما أن الناس يختلفون في حكمهم على أخلاقيات وسوفسطائية الكاتب وقلمه، وكل يراه وفق رؤيته ومصلحته.

وهناك صنف من الكُتاب شغفهم الكتابة، وقد يتقاضون مبالغ رمزية أو لا يتقاضون نظير ما يكتبون من مقالات، وهؤلاء منهم من يكتب في كل الميادين والمناسبات بقلم متمكن يستفيد منه القارئ، وهناك من يكتب في اختصاص معين أو يزيد الجرعة في مجال دون آخر، وقد يستمر بعض كُتاب المقالات لعقود نظراً لخصوبة المجال الذي يكتبون فيه، وما يتمتع به الكاتب من استخدام أدوات الذكاء الكتابي في تكرار مواضيعه دون أن يشعر الكثير من القُراء بذلك.

وهناك من يتوقف عن الكتابة بصورة مفاجأة ما يفتح باب التكهنات، ومنها ظالمة في حق الكاتب، وقد يكون الكاتب قرر أن يعطي قلمه استراحة بعد أن ألزم نفسه بألا يكتب إلا في ميادين لم يطأها قلم الآخرين، أو حصر نفسه في مواضيع قد يكون غطى معظم جوانبها، أو أن تكون له أولويات كتابية أخرى أجبرته على التوقف.

فمن الملاحظ أن بعض كُتاب المقالات في الصحف المختلفة رغم أن لهم حضورهم وتميزهم ولكن تمر فترة تشعر بأن مستوى كتاباتهم بدأ بالتذبذب، وإذا أخضعنا أسباب التذبذب للتحليل القرائي فسنجد أن التشبع الكتابي قد يكون من الأسباب، أو قد تمر على الكاتب ظروف خاصة تؤثر على استعداداته الكتابية ورغم ذلك يستمر في كتاباته المشتتة، فلهذا يكون الكاتب بحاجة إلى أن يترجل من صهوة جواد مقالاته، ويريح قلمه ليعود مرة أخرى، ويُشهره في مقالات متجددة أكثر حيوية واستفادة.