السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

دبي.. والتحكيم الدولي

ليس أجمل من أن تبدأ رحلتك في التنافسية الدولية وطموحُك يعانق عنان السماء، وعينُك لا تبارحُ المركز الأول مهما امتلك منافسوك ما يتجاوزك بمئات الأعوام خبرةً وممارسة.

يكاد إجماعُ مجتمع التحكيم الدولي ينعقدُ على أن التقرير الدوري لكلية «كوين ماري» اللندنية «QMUL» عن مراتب مقرات ومراكز التحكيم، الذي يصدر منذ عام 2006، يُعد من أهم المراجع التي يستند إليها أصحاب القرار في رصد وتحليل احتياجات وتوقعات وتوجهات أطراف التحكيم الدولي، ومنذ أيام صدرت النسخة الثانية عشرة من التقرير بعنوان: «التحكيم والمواءمة مع التغيير»، لتصنّف دبي أولَ مدينة عربية ضمن عشرة مقرات للتحكيم عالمياً بعد أن تصدرت القائمة لندن وسنغافورة وهونغ كونغ وباريس كأفضل مقرات للتحكيم.

وعلى الرغم من أن دبي تُوّجت بالمركز العاشر، فإنها تجاوزت مقراتٍ شهيرة، مثل فيينا وواشنطن، لم يتم تصنيفها، إذ لم تظفر إلا بنسبة ضئيلة من ردود المشاركين في استبيان ضم أكثر من 1200 مشارك ونحو197 مقابلة مع متخصصين يمثلون 53 مدينة حول العالم، ليكون التقرير الأضخم منذ إصداره الأول في 2006.


الوجهة العاشرة للتحكيم عالمياً ليست منتهى طموح دبي، مدينة المستقبل، التي تملك مقومات الهمّة لبلوغ القمّة، والسبيلُ إلى ذلك يتطلب تفعيل منظومة تكاملية بقيادة حكومية ورؤية استشرافية تؤطرها مستهدفات ومؤشرات أداء «لاستقطاب التحكيمات الدولية» يتشاركُها المعنيون من دائرة المحاكم ومراكز التحكيم، والمحكمون، ومكاتب المحاماة، وكليات القانون، وتكون بوصلتها «مكانة ريادية بين مقرات التحكيم الدولية»، وليست سنغافورة منّا ببعيد، فقد كانت حتى عام 2010 خارج التصنيف، وبعد 10 سنوات احتلت اليوم المركز الثاني عالمياً بعد لندن، ويأتي مركزها «SIAC» ثانياً بعد محكمة التحكيم بغرفة التجارة بباريس. لقد أبانَ تقرير هذا العام أن سرَّ جاذبية مقرات التحكيم هو خماسية دور القضاء في «مساندة المحاكم للتحكيم، واستقلال النظام القضائي، وفاعلية تنفيذ أحكام التحكيم، وإنفاذ التدابير المؤقتة والأوامر الأولية ومحكم الطوارئ، وأخيراً تقنيات الفصل في مسائل التحكيم عن بعد»، وأمام دبي ممارساتٌ ريادية للمقارنة المعيارية والاستفادة منها في رحلتها لتحقق مراتبَ عُليا ضمن مقرات التحكيم الدولية التي تواكب توقعات أطراف المنازعات واحتياجات متغيرة، ولا شك أن المجتمعَين الإقليمي والدولي سيظلان في ترقُّبٍ للتقرير المقبل 2022، ليتابعا رحلة دبي نحو مرتبة متقدمة بين مقرات التحكيم الدولية.