الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

الدراما قوة.. لماذا؟

ما الرابط بين برامج تلفزيونية علمية، وطبخ، ودراما؟

أغلب هذه البرامج تم إنتاجها بالتعاون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية، فقد كشف الصحفي الأمريكي جيسون ليوبولد أن الاستخبارات الأمريكية تشارك وتدعم مشاريع إعلامية وترفيهية، حتى إن الوكالة تتلقى أسبوعياً طلبات لدعم أفلام ومواد ترفيهية من هوليوود وغيرها.

وتشكل صناعة السينما الأمريكية مجالاً رحباً لعمل وكالة الاستخبارات الأمريكية وغيرها، من أجل الترويج لأمريكا ومنتجاتها وأبطالها وثقافتها كقوة ناعمة، والكثير من الدول استوعبت تأثير هذه القوى في المجتمعات وكيفية استخدامها لحماية نفسها أولاً، والتأثير على الآخرين ثانياً، ولا يقتصر هذا الدور على أمريكا فتجد المنتجات الإعلامية الهندية والصينية تقوم بنفس الدور، وأقرب مثال لنا في الوطن العربي هو تركيا، حيث قررت غزو العالم العربي والإسلامي ثقافياً لنشر أيديولوجيتها، فمنطقتنا تعتبر سوقاً استهلاكية بالدرجة الأولى، وأكثر إدماناً على مشاهدة المسلسلات المكسيكية والهندية وغيرها، لذلك جندت تركيا كل الوسائل لتصبح شاشات هذه الدول مرتبطة بالمسلسلات التركية المدبلجة.


نجحت خطة تركيا وباتت تنتج ما يفوق 100 عمل درامي سنوياً، وتضاعف العدد مع توالي السنوات، حتى أزاحت الأعمال التركية أغلب الأعمال المحلية العربية، وطمست جزءاً من هويات بعض البلدان العربية، وجعل الأتراك من محور المرأة المتحررة والحب أهم المواضيع، ثم صراع الطبقات الفقيرة التي تحاول النيل من الأغنياء بسبب فسادهم وفساد حكامهم، كما عملت أيضاً على تصوير هذه الأعمال بتقنيات عالية، في مناطق تصوير جميلة مزينة بالتراث والثقافة التركية، ما جعل المُشاهِد ينبهر بكل ما يقدَّم له في العمل الدرامي، حتى وصل عدد متابعي هذه الأعمال إلى ما يفوق 400 مليون مشاهد، فانتعش السوق العقاري والسياحي وكثر الإقبال على المدن، حيث زار تركيا 50 مليون سائح في 2018.


وذكر خبراء السياحة والاقتصاد والسياسة في التلفزيون التركي، أنهم ينجزون تقارير دورية عن طبيعة المستهلك والأيديولوجية التي يحملها وما يصبو إليه مستقبلاً، فيتم إنتاج أعمال درامية بناء على هذه المعلومات، وأصبح المشاهد العربي (يتعاطف) مع تركيا، (عن وعي أو عن غير وعي في نشاطاتها السياسية والعسكرية)، فهو مشبع بثقافة هذا البلد.

الدراما سلاح مهم، وقوة ناعمة يجب عدم الاستهانة بقدرتها على التأثير السياسي والاجتماعي على الشعوب، وتأثيرها قد يتفوق على المراكز الثقافية والمعارض التي تقيمها الدول في الخارج للتعريف بنفسها، في المقابل ماذا فعلت الدول العربية لصد هذا الغزو الثقافي؟