الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

بورصة الفنون.. الرقميَّة والجائحة

التقيت هذا الأسبوع بفنانة تشكيليَّة رائعة هي هبة عريبة، وكنت قد التقيتها آخر مرة قبل 10 سنوات في دار الأوبرا المصرية.. تحدثنا عن الفن التشكيلي والاقتصاد في زمن كورنا، وعن سوق اللوحات الفنية التي انطفئ بريقها، حيث تقهقرت المبيعات بأكثر من 30% بسبب الإغلاقات التي أوصدت أبواب المعارض والمزادات الفنية، ما أجبر الصناعة على تسريع التحول الرقمي المزدهر.
للوهلة الأولى، أدركت أن الفنانة هبة عريبة مهتمة بمشروع فني طموح يحمل طابعاً اقتصاديّاً فريداً.. زادني الفضول أكثر لأعرف كيف تعمل ميكينزمات الفنانين في مواجهة الجائحة، ويبدو أنه من حسن حظ المشروع المسمى «بورصة الفن الحديث والمعاصر» أن معالمه بدأت تتشكل مبكراً وقبيل تفشي الوباء بأربعة أعوام على يد الفنان المصري الشهير محمود منيسي.
أذهلتني حماسة صديقتي للمشروع الذي يسعى إلى توسيع مفهوم البورصة باعتبارها هيئة مختصة فقط بالتداولات والأنشطة التجارية البحتة، إذ ستخضع البورصة الفنية المرتقبة لآليات الاقتصاد الحر، وستعمل وفقاً لمعاييره وآلياته المتطورة، بهدف إنعاش سوق الأعمال الفنية، ورفع الوعي بالقيمة الاقتصادية للفنون، وترسيخ مفهوم الاستثمار في القطاع، وخلق معايير تسويقية لتقييمه، وتحويله إلى سند مالي يتم ترويجه ونشره وتأجيره واقتناءه وتحقيق الاستفادة القصوى من بيعه. لم يَفُتن الاطلاع على بعض اللوحات الرائعة، التي أبدعتها أنامل أهم الفنانين التشكيليين في مصر والعالم العربي من أمثال ثروت البحر، وعصمت داوستاشي، ومنى عليوة، وعلى حبيش، وفرغلي عبد الحفيظ، ومحمد الطحان، وغيرهم ممن لا تسعني الذاكرة، فليعذروني، وأعتقد أن هذا الزخم يبرهن على أن المحنة الراهنة مؤقتة، وأنه عندما تطرح تحفاً فنيّة تستحق الاهتمام، فإن عُشَّاق الفن يهبون هبة الجائع لشرائها حتى في أحلك الظروف الاقتصادية.