الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الخطأ مع ديانا.. والاعتراف المتأخر

كلّ من شاهد حوار الأميرة ديانا سنة 1995 لا بد أنه يتذكره، فقد كان حدثاً بمعنى الكلمة، وكان مقتلها بعد ذلك سبباً إضافيّاً ليعيش حوارها في ذاكرة الناس.

كانت الدهشة وقتها هي سيدة الموقف، ولم تقف حدود الدهشة عند تلك الصراحة الصادمة لديانا التي تحدثت عن علاقة الزواج الثلاثية، هي وتشارلز وكاميلا، وكشفها لطبيعة العلاقات والوضع داخل الأسرة المالكة، وعن زواجها غير السعيد من الأمير تشارلز، وشؤونهما، وأنها مصابة بالبوليميا (اضطراب الشره العصبي)، إنما من بين أسباب الدهشة أيضاً من اختارت أن تجري معه الحوار، مارتن بشير، الذي كان مراسلاً تلفزيونيّاً وقتها، وشاهد ما يقرب من 23 مليون شخص الحوار.

بعد ست وعشرين سنة من تلك المقابلة، تم الكشف عن أن مارتن بشير، الذي يبلغ اليوم 58 عاماً، خدع شقيق ديانا، تشارلز سبنسر، وقدم له وثائق بنكية «مزورة» تشير على نحو الخطأ أن أفراداً يتقاضون أجراً مقابل مراقبة الأميرة، وهو ما صدقته ديانا بالفعل، وبسببه وافقت على إجراء المقابلة، والتي احتوت على عدد كبير من الادعاءات الكاذبة، وتشهير بأفراد العائلة الملكيّة البريطانية.


هذا الكشف دفع بشير بعد كل هذه السنين إلى الاعتذار لنجلي الأميرة الراحلة، وليام وهاري، اللذين أبديا بعد عرض البرنامج بفترة ضيقهما منه، ومما قيل فيه، إذ اعتبر وليام هذه المقابلة حطمت العلاقة بين والديه، بينما أشار هاري إلى أنها كانت سبباً في وفاة والدته.


البعض سيصدق كلام الأميرين البريطانيين، والبعض الآخر قد يصدق تقليل بشير من مسؤولية - مجرد برنامج - فيما حدث من أزمة كبيرة داخل العائلة الملكية، ولكن ما يجب على الجميع أن يصدقه على وجه اليقين هو أن الخداع جريمة لا تسقط بالتقادم.

لقد فتحت «بي بي سي» تحقيقاً بعد سنة من إذاعة الحلقة، لكنها أغلقته بعد أن لم تثبت التحقيقات شيئاً، لكنها انتظرت أكثر من ربع قرن حتى ظهرت النّتيجة المخزية.

لقد ارتكب بشير خطأ لا يُغتفر، ويرتكب كثيرون مثْله في الإعلام الغربي والعربي، أخطاءً تؤدي إلى كوارث، مبررين هذه الأخطاء بالسبق أو القفز على المعلومة والمصدر، ولكن هذا تصرف - حتى لو كانت نتيجته نجاحاً مهنيّاً ساحقاً - لا يخرج عن كونه خِداعاً.

بقيت الإشارة إلى أن الشيء الوحيد الذي يحسب لبشير ومؤسسته السابقة بي بي سي، هي شجاعة الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه.