الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

«باسترناك».. والحب المستحيل

ككل قصص الحب في التاريخ، مثل: ولّادة وابن زيدون، وروميو وجولييت، وقيس وليلى.. كانت قصة باسترناك صاحب «د. زيفاجو» مع لارا بطلة الرواية، ولم تكن خيال شاعر بل كانت امرأة حقيقية ظهرت بعد سنوات من رحيله

مات باسترناك في عام 1960 بعد ظهور روايته الأشهر، وما تعرض له من استبداد السلطات ومطاردته في كل مكان، ثم ظهرت لارا البطلة الحقيقية في الرواية، وأعلنت عن نفسها باسمها الحقيقي «أولجا إيفنسكايا»، وأصدرت مذكراتها في لندن بعنوان «أيامي مع باسترناك»، وروت فيها كيف تعرضت لظروف صعبة في قصة حبها للشاعر التي لم تكلل بالزواج، حتى إن السلطات السوفييتية انتقاماً منه سجنتها خمس سنوات كاملة في سجون سيبيريا، وخرجت من السجن أطلال امرأة.

كان باسترناك قد تعرَّف عليها، وهي محررة صغيرة في إحدى المجلات المغمورة.. وكانت تسكن في شقة صغيرة من ضواحي موسكو، وكان حصول رواية «د. زيفاجو» على جائزة نوبل بداية الكارثة.


سجنت السلطات أولجا، ووضعت أجهزة تسجيل بدائية في بيت باسترناك، واكتشف الجهاز لكي يسجل عليه رغبته في الانتحار، ولكي يكون هناك مبرر للقبض على أولجا، والزج بها في سجن النساء سيئ السمعة في سيبيريا، وتكمل أولجا أيامها مع باسترناك، وتحكي كيف أبعدوا زوجته، وبقي وحيداً تطارده أجهزة الأمن في كل مكان.


ورغم كل النجاحات التي حققتها رواية د. زيفاجو ووضعها للشاعر في مقدمة الروائيين على مستوى العالم، وترجمتها إلى أكثر من 28 لغة، إلا أن باسترناك لم يأخذ من الشهرة شيئاً غير سجن حبيبته ورحيل زوجته ومطاردته في كل مكان.

وتكمل أولجا حبيبة باسترناك قصتها معه، خاصة بعد أن خرجت من السجن، ولم تعرف له مكاناً، وظلت تبحث عنه ويبحث عنها، وانتهت الرواية برحيل الشاعر وغربة الحبيبة، وعاشت بعده سنوات تستعيد ذكرياتها معه.

وبقيت د.زيفاجو (الرواية والفيلم) تحكي قصة شاعر حالم أراد الحرية لوطنه، وخسر الحب والحرية في وقت واحد.

ولا أزال حتى الآن أعيد قراءة الرواية، ومذكرات الحبيبة، وأشاهد الفيلم العبقري، وأذكر باسترناك بوصفه شاعراً من شعراء الحرية الكبار دفع ثمن الحرية والحب في وقت واحد.

ولا نبالغ إذا قلنا: إن التاريخ يكتبه بعض الأشخاص، وإن الحب قدر جميل يزور بعض الناس، وإن الحظوظ ليست مالاً أو شهرة أو بريقاً، ولكنها مواقف يسجلها البعض، ويصنعون منها تاريخاً.