السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

لماذا غاب الشعراء؟

كانت القبائل العربية في عصور مضت تحتفل بظهور الشعراء، وتقيم المآدب حين تبدو موهبة على شاعر شاب.. وفي الأحداث والمعارك كانت كل قبيلة تقدم شاعرها، وهنا ظهر ما كان يسمى بسوق عكاظ.. وقد سجل الشعراء في قصائدهم الأحداث الكبرى، وحتى وقت قريب كنا نسمع قصائد الشعراء الكبار تهز الوجدان العربي، فعلى سبيل المثال كانت قصائد: نزار قباني، ومحمود درويش، وسميح القاسم، وفدوى طوقان، وهارون هاشم رشيد والشعراء العرب في أكثر من مكان، تحرك القلوب وتشعل المشاعر.

كانت قضية فلسطين تتصدر المشهد دائماً، حدث هذا في كل المناسبات، ولا أدري لماذا غاب الشعراء فيما نشهد الآن من أحداث كبرى، فهل هي أزمة حريات أم تهميش أم قطيعة؟ كان نزار قباني يقول: لم أجد بلداً عربيّاً يتحمَّل قصائدي ولذلك أعيش في لندن مدينة الضباب.. وتشاهد الآن ما يحيط بالإنسان العربي من الكوارث والمحن ولا تجد صوتاً للشعراء، فماذا حدث في العراق وهي وطن السياب؟ وماذا حدث في اليمن وصوت البردوني؟ وماذا يحدث في فلسطين، ومن أبنائها درويش والقاسم وطوقان؟.. تُرى هل هي الحريات المجهضة أم هو الزمن الذي بخل علينا بأن نقول ونصرخ؟ منذ سنوات كان عبدالوهاب يصرخ بكلمات علي محمود طه:

أخي جاوز الظالمون المدى


فحق الجهاد وحق الفدا


وكانت مجموعات الفنانين تغني: وطني حبيبي الوطن الأكبر، وكانت فيروز تغني للقدس، ووديع الصافي يغني للقاهرة وبيروت. فأين كل هذا الزخم في الإبداع والمشاعر؟ بل أين الشعراء الكبار الذين شكلوا وجدان هذه الأمة؟ هل هي مؤامرة على الشعر العربي، وقد كان يوماً يتصدَّر الساحة إبداعاً وتأثيراً ودوراً أم أنها قناديل الحرية التي أطفأتها أزمنة القهر والاستبداد التي أسكتت الشعراء وسجنت العصافير؟

إن غياب الشعراء في عصور الأزمات والمحن خسارة كبيرة، لأن الشعر العربي كان دائماً في مقدمة الصفوف حرباً وسلاماً.. ولا أدري لماذا سكتت أصوات الشعراء وأمام هذا الغياب تنتشر أنواع غريبة من الأعشاب التي تدعي أنها غناء، وهي تفسد أذواق الناس، وتهين اللغة العربية، والمدهش أن تجد من يشجعها ويحرص على نشرها.
لقد كان الشعر يوماً صوتاً من أصوات العزة والكرامة في كل بيت عربي، وكان ميلاد الشاعر مصدر فخر واعتزاز ومنذ غاب الشعراء انسحب فرسان الكلمة، وماتت خيولهم الأصيلة.