السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

العربية والأردية.. وواقع الترجمة

ثمة قواسم مشتركة كثيرة بين العربية والأردية تجعل اللغتين متقاربتين لغوياً وثقافياً وحضارياً، فأكثر من 30% من مفردات الأردو مشتقة من العربية، وبنيتها وفنونها الشعرية والأدبية هي مستوردة من العربية، وخطها عربي، وتتميز اللغتان بأدب ثري في مختلف الأجناس، غير أن الأردية لا يتعدى عمرها خمسمائة سنة والأدب المكتوب فيها يرجع إلى أقل من ثلاثة قرون، في حين الأدب العربي يرجع إلى أكثر من خمسة عشر قرناً.

اللغة الأردية من بين اللغات المنطوقة في العالم، فعلى أقل تقدير يتجاوز عدد الناطقين بها 200 مليون شخص، في الهند وباكستان وبلدان أخرى، وإذا أخذنا في الاعتبار اللغة الهندستانية -خليط من الأردو والهندي- واللغة المحكية في الهند هي أقرب إلى الأردو من الهندي، فسوف يتجاوز عدد الناطقين بها ستمائة مليون تقريباً، والأدب الأردي أحد أغنى آداب العالم، وقد تأثر في تطوره بالأدب العربي والفارسي والسنسكريتي واللغات الأوربية والهندية الأخرى، غير أن أثر العربية والفارسية على الأردو أظهر وأكبر.

وفيما يخص الترجمة بين العربية والأردية فترجع بداياتها إلى حوالي ثلاثة قرون خلت، وتركزت على ترجمة أمهات الكتب العربية في فنون التفسير والحديث والسيرة النبوية والفقه وغيرها إلى الأردية، وحظيت ترجمة القرآن الكريم بنصيب الأسد.

وقد أورد د. أحمد خان في كتابه «تاريخ تطور ترجمة معاني القرآن الكريم إلى الأردية» 110 ترجمة للقرآن الكريم إلى الأردية، كما يزيد عدد الكتب المترجمة في فن السيرة النبوية على مئة كتاب، وتمت ترجمة معظم كتب الحديث، والتاريخ، وأمهات الكتب العربية إلى الأردية، ويقدر الدكتور عبدالحق شجاعت علي أن عدد الكتب المترجمة من العربية إلى الأردية في شتى المواضيع يبلغ ألفاً وتسعمائة ترجمة.

الترجمة من الأردية إلى العربية لا تمثل 10% من مجموع الترجمات البينية، وقد جاء معظمها مؤخراً وبفضل جهود أفراد ومؤسسات مثل مشروع «كلمة» لدائرة الثقافة والسياحة ـ أبوظبي، ومؤسسة الفكر العربي في بيروت، ومركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية وغيرها.

كما يرجع الفضل في بدء حركة الترجمة من العربية إلى الأردية إلى دار الترجمة في دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد، التي تولت ترجمة أمهات الكتب العربية إلى الأردية.

واقع الترجمة بين اللغتين لا يمثل عمق العلاقات بين الناطقين بهما، واللغتان تزخران بأدب ثري يقتضي أن يُترجم للمثاقفة الناضجة بين الشعبين.