الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

رحلة بحث عن كتابين

كتابان أعياني البحث عنهما؛ أحدهما (كتاب السِّيَر الكبير) لمحمد بن الحسن الشيباني،كنتُ سنة 2000 أبحث في الفقه الإسلامي؛ لأني وجدته يحوي كثيراً من قواعد القانون الدولي، وفي أثناء البحث وقفت على ذكر للكتاب ومعلومات عنه وعن مؤلِّفه، منها إنشاء «جمعية الشيباني للقانون الدولي» في غوتنجن بألمانيا، للتعريف بهذا الفقيه الكبير ودَوره الريادي في القانون الدولي.

بحثت عن الكتاب في المكتبات التجارية في موريتانيا ولم أجده، لكني عثرت على نسخة منه في المكتبة الوطنية، ولعلها طبعة هنديّة قديمة، حيث كانت المكتبة الوطنية في موريتانيا غنية بالكتب، رغم وسائلها المحدودة.

لكن التعامل مع الكِتاب كان صعباً؛ فهو كان في حالة سيئة ومتشبعاً بالغبار والرطوبة اللذين أصاباني بحساسية، ورغم ذلك دوَّنت منه معلومات وأفكاراً مهمة، ووجدته نفيساً وجامعاً لموضوعه.


وفي مطلع 2003 جئت للعمل في دولة الإمارات الشقيقة، وبدأت رحلة بحث جديدة عن الكتاب في المكتبات التجارية ومعارض الكتب، وبينما كنت أجول في معرض أبوظبي الدولي للكتاب سنة 2014 بدا لي أن أتوقف عند مكتبة تجارية معروفة لأطلع على كتبها الجديدة.. لفت انتباهي كتاب من 5 أجزاء ذات كعوب سوداء تتخللها كتابة ذهبية، فاقتربت منه فإذا هو كتابي الذي أبحث عنه فاشتريته.


أما الكتاب الآخر فهو (كيف يحيا الإنسان) للمفكر الصيني لين يوتانج، وهو حافل بالحِكَم الصينية القديمة والأدب والفكر والثقافة الحديثة، وقصتي معه أني شاركت بقصيدة في مهرجان الشباب العربي الثاني في طرابلس (ليبيا) سنة 1975، وشارك معي صديقي الحميم الدكتور محمد الأمين الناتي بقصة قصيرة وقصيدة رائعتين، وألقينا القصيدتين أمام جمهور كبير، ولما انتهيت من إلقاء قصيدتي جاءني الأستاذ خيِّ بابا شَيَّاخ الأديب والإعلامي الموريتاني البارز- رحمه الله- وهنَّأني بالقصيدة تشجيعاً لي، واقترح عليّ جولة معه في طرابلس بعد نهاية الأمسية الأدبية.. ذهبت معه فأطلعني على معالم المدينة، وجئنا إلى مكتبة عتيقة غنية بالكتب، فاختار منها دواوين شعرية وروايات وكتباً فكرية، منها الكتاب المذكور، وقدَّمها إليّ هدية وأوصاني خاصَّة بقراءة الكتاب، وأسدى إليّ إرشادات أدبية ونقدية أفادتني كثيراً في حياتي العلمية.

وبعد قراءته وجدته كنزاً ثميناً، لكنه ضاع مني، وظللتُ أبحث عنه فترة طويلة حتى وجدته هذه السنة عن طريق الإنترنت.