الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

النقد.. البنّاء والتحطيم

في كثير من الأحيان يحجم الكاتب المبتدئ عن عرض أعماله الوليدة على نقّاد متخصِّصين، ويلجأ عوضاً عن ذلك إلى عرضها في مواقع التواصل الاجتماعي، ظنّاً منه أنها الطريقة الأسلم للهروب من النقد القاسي والظفر ببعض الإشادات والمديح، حتى وإن جاءت من أشخاص غير ملمّين بتقنيات الكتابة، ولا يملكون رؤى نقدية متكاملة ترتقي بأدواته الكتابية.

ويحدث أن تأتي الرياح بما لا تشتهي سفينة الكاتب، وبدلاً من أن يتلقى عبارات التحفيز والتشجيع، تنهال عليه عبارات السخرية والتحطيم، فتتزعزع ثقته في نفسه، وقد يتخذ قراراً متعجلاً بوأد أحلامه المشروعة.

لذلك عندما يرسل لي بعض الراغبين في الكتابة محاولاتهم الأولى، ويطلبون رأيي فيها، أقول لهم بلغة واضحة: «أنا كاتب، ولي رأي طبعاً في نصوصكم، لكن هذا الرأي لا يغني أبداً عن رأي الناقد المتخصص.. الذي نحتاج إليه أنا وأنتم».


البعض منهم يتقبل هذا الرد بقناعة كاملة، والبعض ينظر إليه على أنه محاولة (تملص) من إعطاء رأي صريح، لكن الحقيقة التي لا أشك فيها مطلقاً هي أن نقد أهل الاختصاص يكون في معظم الأحيان أكثر إيجابية ولطفاً من آراء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ويعطي الكاتب الموهوب مجاديفَ لو قام القراء بتكسير أشرعته.. وذلك لأنهم يمتلكون رؤية أعمق في النصوص الأدبية، ويستخدمون لغة راقية تميل للبناء أكثر من الهدم.. والأهم من ذلك كله أنهم يملكون خريطة طريق، لو سار عليها الكاتب المبتدئ فمن المحتمل جدّاً أن يصل إلى الشاطئ.