الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

الفن الهابط.. وسقوط لغة الحوار

تدنِّى مستوى الحوار في كثير من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وزادت وصلات الردح والبذاءة، وتورطت أسماء كثيرة وغرقت في هذا المستنقع.

ولا شك أن هذه الظواهر تعكس خللاً في الفكر، وانحطاطاً في السلوك والأخلاق، حتى وصل الأمر إلى تجاوزات في اللغة، وهبوط في مستوى الأخلاق، بحيث تحول الأمر إلى ظاهرة تهدد قيم الحوار ومستوى الكلام.

إن الخلاف في الرؤى حق مشروع، ولكن هناك قواعد وثوابت أخلاقيَّة يجب أن تحكم لغة الحوار، وعلى الجانب الآخر فإن الفضائيات تبالغ في الحفاوة بالفن الهابط، وكثيراً ما شاهدتُ مطرباً من جماعات الشوارع يجلس ضيفاً في عدة حلقات يفسد أذواق الناس، ويعبث بمشاعرهم، ثم تتناقل مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأوبئة بين الشباب.


إن القضية أصبحت ظاهرة تهدد الذوق العام، وتفسد لغة الحوار، وتنشر أمراضاً اجتماعية غريبة، ووراء هذه الأوبئة أمراض خطيرة، وهي تحقق أرقاماً وأرباحاً خيالية، وفي ظل حالة من الفوضى والانفلات أصبحت هذه التجاوزات شيئاً عادياً، من سماع للغناء الهابط، ومشاهدة الحوار الساقط، وترى الناس وقد استسلموا لذلك كله.


وأخطر ما في هذه الظواهر هو أنها تهدد مستقبل أجيال قادمة من الأطفال والشباب، الذين تشبعوا بهذه الأوبئة واعتادوا عليها، ولا أدري كيف نحافظ علي عقول وأذواق أبنائنا، ونطارد هذه الفلول الشاردة.

إن الحل ليس في المنع والرقابة ولكن في تقديمنا حواراً راقياً وفناً رفيعاً، وأن تمارس الأجهزة المسؤولة دورها في حماية المجتمعات من هذا العبث الرخيص.

ففي يوم من الأيام كان هناك الفن الهابط الرخيص وقد سمعنا موجات من الغناء الهابط، ولكن بجانب هذا كان هناك الفن الراقي، وكنا نسمع قصائد شوقي وحافظ في أصوات أم كلثوم وعبدالوهاب، كما أنتجت السينما أفلاماً مثل صلاح الدين، والأرض، والرسالة، وعمر المختار، مع وجود أفلام المقاولات والمخدرات.. المهم كيف نحافظ علي هذا التوازن بين الفوضى والانفلات من جهة، والجدية والمسؤولية تجاه المجتمع من جهة أخرى.

الأزمة الحقيقية الآن هي موجات الإسفاف، التي أصبحت هي الأعنف والأعلى، وأن الحوار الراقي والفن المسؤول قد غاباَ تماماً، ولا شك أن هذا الخلل قد أضر كثيراً بالثقافة العربية لغة وفكراً وفناً وحواراً، وأننا نعيش أزمة حقيقية.

والسؤال الذي يبحث عن إجابة هو: هل الإفلاس أم غياب المواهب أم إهمال الجهات المسؤولة أم هي مؤامرة على تراث هذه الأمة، من خلال الهجوم على أعظم وأجمل الأشياء في تاريخها؟