الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

المكتبة.. عمل خيري

بينما كنت أتمشَّى أنا وعائلتي في أحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو، استوقفني شخص من أصحاب البشرة السمراء يعمل كمروّج لأحد المطاعم في الشارع ذاته لاستقطاب الزبائن، ودار بيني وبينه حوار سريع اكتشفت من خلاله أنه مسلم من إحدى الدول الأفريقية وسألته عن أحوال المسلمين في بلده وما هي احتياجاتهم.

بشيء من العتب، أجاب بأن غالبية الأعمال الخيرية تصب في بناء المساجد التي لا يحتاجون إليها كثيراً في حين أنهم يفتقرون، وبشكل كبير، إلى وجود المكتبات في بلدهم وهو أكثر ما يحتاجون إليه خاصة للأطفال والمراهقين.

هذا الموقف أرجعني بضع سنوات قبل ذلك حين كنت في زيارة لمكتب إحدى الجمعيات الخيرية التي أتعامل معها، وبينما أقلّب دليل المشاريع الخيرية سألته إن كان هناك مشروع مكتبة خيرية من ضمن مشاريعهم الخيرية، وكانت إجابته بالنفي، وبأنّ الكتب تقتصر على المصاحف.


شخصيّاً، أرى أنّ أهمية المكتبات لا تقل بأي حال من الأحوال عن أهمية المساجد، ففي حين أن دور العبادة، بغضّ النظر عن الديانة، تُلبّي الاحتياجات الروحية للإنسان، فإن المكتبات تُشبع حاجات الإنسان الفكرية والعاطفية في الوقت ذاته.


كوني إنساناً يعشق الكتب ويعيش عالم القراءة بأدقّ تفاصيله، أجدني داعماً كبيراً لنشر المكتبات في كل مدينة بحاجة إليها، وهو واجب إنساني تجاه البشرية إذا ما أردنا نشر المعرفة، التي هي بمثابة صمام أمان للمجتمعات، خاصة الفقيرة منها.

ختاماً، أستشهد بمقولة ألبرتو مانغويل، الذي يقول في هذا السياق: «إنّ المجتمعات التي قامت حول الكلمة المكتوبة مآلها النسيان من دون المكتبات العامة، ومن دون الفهم الواعي لدور هذه المكتبات».