الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

العصر الرقمي.. الكتابة أصعب

لا شك أنّ لكل عصر أدواته ومعطياته وتفاعلاته وأنماط عيشه، وهناك اتفاق كبير على أنّنا نعيش اليوم في العصر الرقمي بتفاصيله وأنظمته المختلفة، ومن الطبيعي أن تحدث تبعاً لذلك تغيرات وتطورات وتعاطيات جديدة، ومن ذلك موضوع الكتابة بكل أشكالها، خاصة الإعلامية والإلكترونية، حيث غدت أكثر صعوبة ودقة وسرعة وتفاعلاً ممّا كانت عليه سابقاً، ما جعلها تحتاج إلى جهد أكبر وتجويد أكثر، والسبب بالطبع ما أتاحه العالم الرقمي من ميزات وإمكانات يستطيع القراء والمتابعون من خلالها متابعة ما يُكتب ويُنشر ونقده في مكانه.

اليوم، يحرص من يُمارس الكتابة، خاصة المنشورة في وسائل ومنابر مختلفة، على صحة معلوماته ودقتها والتأكد منها، وذلك لسهولة الوصول إلى المعلومات وتمحيصها من قبل الجمهور، بسبب توفر محركات البحث الكبرى، كذلك هناك سهولة كبيرة جداً في التفاعل والرد على ما يُكتب، فالكاتب يعلم أنّ التجاوب مع ما يكتبه سيكون سريعاً، خاصة مع وجود وجهات نظر مختلفة حول الظاهرة أو الفكرة المكتوب عنها.

ولأنّ شرائح الجماهير حاضرة بكل مذاهبها الفكرية والمعرفية ومدارسها الثقافية وقناعاتها المختلفة - حيث أتاح لها الفضاء الرقمي التواجد على مدار الساعة - وجب أن يكون العرض من قبل الكاتب في أعلى درجات الموضوعية والإقناع، ليس لمحاولة تأكيد وجهة نظره فقط، وإنّما لطرح الفكرة بشكل معرفي يسمح بوجود بيئة مناسبة يستطيع الآخرون خلالها التفاعل مع الفكرة، صحيح أنّه من الصعب إقناع كل المتابعين، لكن عرض الظاهرة بما هي عليه في الواقع يُعطيها على الأقل قبولاً عاماً، عدا أنّ التطور الرقمي والمعلوماتي المذهل، مكّن الجمهور من عقد المقارنات حول مجمل الأفكار، أو بين ما يكتبه الكاتب ومقارنته مع الكتابات والأطروحات الأخرى.


إنّ سرعة حركة إيقاع الحياة الآن، وتسارع الأحداث، وتدفق المعلومات والأخبار والمستجدات، قد جعل من يُمارس الكتابة في وضع صعب يتطلب منه متابعة كل ما يجري ويُستجد، حيث سرعة التغيرات والقرارات في كل اتجاه وعلى مدار الساعة ويعلم الجميع فيها، ما جعل ما يُكتب أحياناً غير مناسب للنشر بعد ساعة من كتابته، لحصول جديد أو مناقض لما كُتب.


وأخيراً، نستطيع القول إنّ كل هذا في النهاية هو لصالح الكتابة نفسها، علمياً ومعرفياً وثقافياً، إتقاناً وجودةً، لأنها تحت الرصد والمتابعة والنقد دائماً.