الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

لماذا لم يعترف العقاد بالرواية؟

هناك سر غامض في موقف كاتبناً ومفكرناً الكبير، عباس العقاد، إذ لم يعترف بالرواية كفنٍ من فنون الأدب، ولا أدري هل كان هذا الحكم القاسي على الرواية العربية، فقط على أساس أنّها فن أجنبي دخيل جاء إلى الثقافة العربية منذ أقل من 100 عام؟ ولا أدري هل كان العقاد يرفض فن الرواية في الغرب أيضاً، وهل كان يرفض الرواية العالمية بكل تراثها ولا يعترف بمبدعيها الكبار، أم إنه اعترض فقط على إبداعات الرواية العربية؟

كيف لنا ألاّ نعترف بنجيب محفوظ صاحب نوبل أو الطيب صالح وحنا مينا ويوسف إدريس وجلود ويحيى حقي وفتحي غانم والمبدعين العرب في الغرب؟

كان الاختلاف كبيراً بين العقاد وعميد الأدب العربي طه حسين، في موقف كل منهما من الرواية، فالعقاد كتب رواية واحدة في حياته وهي «سارة»، وقيل إنها كانت قصة حب بينه وبين فنانة مصرية شهيرة، ولكن طه حسين كتب أكثر من رواية أهمها «الأيام» و«دعاء الكروان» و«الحب الضائع»، وهذه الروايات كانت من أنجح الأفلام في السينما المصرية.


بينما كان العقاد يعتز بأنه شاعر، وكان يرى أن الشعر أب لجميع الفنون وكان يفضل دائماً أن يطلق عليه لقب شاعر حتى إنه كان يتحفظ كثيراً على لقب المفكر.


وقد عاش العقاد طوال حياته لا يعترف بأن الرواية فن عربي، وأن الشعر هو فن العربية الأقدم والأعرق والأبقى، وإن موقف العقاد من الرواية سيبقى سراً إلا إذا كشف لنا أحد تلاميذه ومحبيه إجابة عن سؤال: لماذا لم يعترف كاتب كبير في حجم العقاد بفن عريق هو أدب الرواية؟

إن هناك أكثر من تفسير لموقف العقاد، منها أنه كان يشعر دائماً بأنه يتقدم الصفوف في كل شيء إبداعاً وتاريخاً وموقفاً، وأن الرواية الوحيدة التي كتبها، كانت حدثاً عادياً في تاريخ ورموز أسماء كبيرة، حققت إنجازات كبرى في عالم الرواية!

على إثر هذا، رفض العقاد الدخول في منافسة مع عمداء الرواية، وفضّل الانسحاب من الساحة إلى إبداعات أخرى وفي مقدمتها الشعر وقضايا الفكر والشخصيات والرموز الدينية، التي كتب عنها من منظور تاريخي ونفسي، واكتفى بذلك رافضاً الاعتراف بالرواية، وإن رفض رفضاً كاملاً قصيدة النثر واعتبرها من النثر المشعور، وأصّر حين كان رئيساً للجنة الشعر، أن يرفض هذا الشكل من الكتابة.. وما بين الرواية التي لم يعترف بها وقصيدة النثر التي رفضها تماماً، تبدو أمامنا مواقف العقاد الفكرية، وكبرياء واحد من أهم وأكبر رموز الثقافة العربية.. فهو العقاد وكفى!