السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الفنون والثقافة سلاح ضد القبح

رمضان نصر فنان تشكيلي ليبي، يؤمن بأن الفنان قادر على إحداث التغيير وتحويل أدوات القبح إلى أعمال إبداعية، فأنجز مجسم «ليبيا السلام»، و«جدارية إشراقة» عند مدخل مدينة صبراتة.

الإنسان في لوحاته هو ذلك اللغز المحير، هو ذلك الكم الهائل من الانفعالات والرؤى والأحاسيس المختلفة، وهو الكم الهائل من التجارب والممارسات الإنسانية، هو ذاكرة محتشدة برصيد كبير من ذكريات الطفولة، والمراهقة والصبا، هو كل شيء، خليط من الفرح والحزن. لذلك يشغله هذا الإنسان في لوحاته ويحاول تجسيده بشكل دائم.

في مدينته صبراتة أنجز «جدارية إشراقه»، يصفها بـ«مشروع بحث جمالي وفق رؤية فلسفية»، كان همه أن يقول: لم لا تكون الأماكن جميلة؟ لم لا يكون المحيط أكثر بهجة؟


الجدارية رسالة فنية وجمالية وإنسانية، بمثابة رفض صريح ومعلن في وجه القبح والحرب والاقتتال الذي كان يحدث في كل مكان وما ينتج عنه من تلوث وتشوّه بصري.


هذا المنجز الذي أعده التشكيلي رمضان نصر بالتعاون مع مجموعة من التشكيليين، وكأنهم بذلك يحافظون على هوية الوطن، وهوية وخصوصية المكان والمدينة.

وربما هو تأكيد على أن الفن عموماً والإبداع التشكيلي خصوصاً كنسق تشكيلي سليم البنية والروح، منتج منخرط عضوياً في حياة الناس.

الجدارية والتي تم الاحتفاء بها في وسائل الإعلام الليبية والعربية، يصل طولها إلى 103 أمتار، ومتوسط ارتفاع 2.25 متر، لتشكل أطول جدارية في دول شمال أفريقيا بالكامل، بحسب ما أخبرني به التشكيلي رمضان نصر.

تتشكل هذه الجدارية من مفردات تشكيلية تمثلت في ورد، وأسماك، وفراشات، وزخارف، وفسيفساء، ومنمنمات، آيات قرآنية، حروفيات وخطوط عربية، ومفردات شعرية، والعمارة العربية والإسلامية. كتابات شعرية، وقوارب شراعية، ومساحات وأشكال هندسية. ورموز من الحضارات والمدن القديمة، وإيحاءات لأمواج، وألوان البحر والسماء، ومشغولات السجاد والكليم والمرقوم، والمقتنيات الشعبية والصناعات التقليدية، وأبواب، ونوافذ.

لتوضع كل هذه المفردات، بشكل متناغم، مع التصميم العام للجدارية. مع ترك مساحات حرة للفنانين لوضع لمساتهم الخاصة عليها تمثّلت في عدد من اللوحات التراثية.

للأسف، هذا المنجز الذي تابعت خطواته الأولى على حساب فيسبوك للتشكيلي رمضان نصر. بعد ذلك انشغلت ببعض الأمور لأعرف عن طريق الصدفة أنه تعرض للمحو بسبب الحروب التي شهدتها المدينة.. ومع ذلك تبقى الفنون والثقافة سلاحنا لمقاومة القبح.