السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

وليام شكسبير.. قرون من الحضور

أهداني صديق العائلة المثقف أحمد الشنبري مشكوراً، كتاباً قيماً كنت أسعى للحصول عليه منذ فترة وهو«السونيتات الكاملة بالعربية والإنجليزية» التي نقلها للعربية كمال أبوديب، والذي كتب في مقدمة الكتاب أنه لم يقرأ قبل شروعه في الترجمة ترجمات جبرا إبراهيم جبرا التي سبقته كي لا يقع في أسر هيبته، وكي لا يعرض نفسه لتأثير جبرا الذي قد يفعل سحره فيه.

ويعزي كمال أبوديب ترجمة لفظة «سونيت» إلى الموشح العربي، حيث أكد اعتقاده أن الموشح العربي في الأندلس قد يكون النموذج الذي اقتبسه الشعراء الأوروبيون ضمن استعارتهم لشعر الحب العربي، وقد افتتن حسب قوله كيف استطاع شكسبير أن يضبط إيقاع السونيت ووزنها العروضي.

ورغم أن كمال ديب يضع في ذاكرته مقولة الجاحظ قبل 1200 سنة: «إن الشعر لا يترجم»، لكن عناداً جمالياً دفعه لترجمة عدد من السونيتات التي ضمت نمطين من الترجمة، الأولى نثرية والأخرى منظومة ومقفاة، وبين روعة هذه وتلك يتجلى شكسبير كشاعر عظيم ترك له حضوراً حتى بعد رحيله بقرون.

لم يكن الأدب بالنسبة لوليام شكسبير بمعزل عن صناعة ناجحة لمسرح ناجح منذ وقت مبكر، ثم الاهتمام بطباعة كتبه وإصدارها بطبعات متعددة والاشتغال على ترجمتها وتوزيعها حول العالم لكي لا تقتصر على عصره بل على كل العصور.

ظلت أعمال شكسبير تحظى بعناية مستمرة وتعديل من وقت لآخر، ما جعل لها شعبية كبيرة وحضوراً دائماً وأعمالاً تعرض بشكل متجدد ومتابعة قوية من جمهور أخلص للأديب المسرحي الذي قدم للمسرح والشعر فخلق حضوراً منقطع المثيل لمسرحه الذي حقق أرباحاً طائلة أينما عرضت أعماله، ولعل هذا يجعلنا نتساءل عن حال المسرح اليوم وصناعته، فهل صنع تجارة رابحة مقارنة بمجدها في زمن مضى؟

وإن كان الجواب لا، فما الأسباب وهل تعزى للنصوص الركيكة التي يكتبها مسرحيون عدم إفلاحهم في أن يعيدوا للمسرح مجده ومكانته؟ أم النصوص التي يختارها تجار المسرح بما لا ترتقي بثقافة الجمهور وتنفصل عن تراثه وبيئته، الذي غابت عنه الأعمال الأدبية الخالصة!

من وجهة نظري رغم الإمكانات الهائلة التي توافرت اليوم في مسارح مجهزة إلا أنها لم تنجح كمسرح شكسبير، ذلك الزمان الذي قدمت أعماله على مسارح متواضعة.