الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

ليلى الأطرش.. تشرق من مغربها

كان لهذا المقال أن يكون إطلالة على رواية «ترانيم الغواية» التي بدأت قراءتها قبل أيام للروائية الأردنية ليلى الأطرش، ولعله بعد خبر وفاتها الذي فاجأ الوسط الثقافي قبل أيام تحول لمقال تأبيني عن هذه المرأة، التي تركت أثراً ليس في رواياتها فحسب بل في نفوس كل من قابلها يوماً.

ناضلت ليلى لأجل قناعات وقضايا إنسانية واجتماعية، كرست حياتها وقلمها لأجلها وتناولتها بوعي وعمق في كتبها ومسيرتها، وكانت قضية المرأة العربية هي جل طرحها.

للمرة الأولى التقيتها في شتاء 2009 في باريس، بعد لقائي التلفزيوني بزوجها فايز الصياغ الفائز بجائزة خادم الحرمين الشريفين للترجمة ودار بيننا حوار جعلته كنبراس وخارطة طريق في مسيرتي.

ليلى تمثل شخصية المرأة المثابرة التي لا تكسر مجاديفُها الأمواج العاتية، ولا تمزق أشرعتها الرياح الثائرة، ما زلت أتذكر كلماتها حين قالت لي: «لا تأبهي أبداً لما يقوله الحاسدون أو للمعارك الصغيرة التي يوقد نارها أعداء النجاح، وكل ما يكتب أو يقال اجمعيه وقفي عليه ستجدين أنك ستزدادين طولاً»، كانت هذه العبارات تضيء في ذاكرتي.

استطاعت ليلى الأطرش أن تكون الكاتبة العربية التي حظيت رواياتها على إقبال كبير، ولعل شخصيتها الإعلامية القوية الحاضرة دوماً رفضت أن تتوارى أحرفها في ظل أرفف مظلمة، بل كانت في المقدمة دوماً، حتى في المحافل التي كرم بها زوجها فايز وما أكثرها حظيت ليلى الأطرش بحضور أكثر إشراقاً، وكأنها صاحبة التكريم، حملت من عناوين رواياتها نصيب فهي امرأة للفصول الخمسة، تركت ظلاً طويلاً وأثراً كبيراً على خارطة الرواية العربية التي كتبت بحروفها، ثم العالمية التي ترجمت رواياتها إلى لغات كثيرة.

مارست ليلى حياتها الطبيعية لآخر أيام حياتها ولم يكن من يلتقيها يعلم بأنها تعاني مرضاً ما، حتى أمام المرض كانت صامدة مناضلة لا تستسلم، وهكذا هي كما عرفتها وكما بدت منذ لقائي الأول بها وما زلت أحتفظ بملامحها الجادة وشخصية امرأة لا تهزمها الحياة.

اختيرت كواحدة من أنجح 60 امرأة عربية وكانت تستحق أن تكون ضمن هذه القائمة، فهي التي تفتح وعيها على قضايا اللاجئين والنساء المقهورات في الحياة وجدها الذي حكم عليه الأتراك بالإعدام.

ليلى امرأة تشرق وإن غربت فعلى روحها السلام.