الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

أعطوني زراعة.. أضمن لكم الحضارة



قال «أعطوني زراعة.. أضمن لكم الحضارة»، هو الشيخ زايد- رحمه الله وطيب ثراه- رغم معرفته وإدراكه الشديد لبيئته الصحراوية القاسية الجافة قليلة المطر، فإنه كان شغوفاً بتحقيق واستصلاح الصحراء وتحويل رمالها المتحركة إلى زراعة ثابتة بالأرض، كثبات رؤيته في تحويل دولة «صحاري» إلى دولة جنان وارفة الظل تكتسي بساطاً أخضر جميلاً، خالف قوانين الطبيعة وآراء الخبراء الأجانب الذين أجمعوا على استحالة الزراعة في صحراء الإمارات.

أحبّ زايد البساط الأخضر وقام بدعم المزارعين وقدم لهم كل ما يحتاجونه في سبيل تطوير هذا المجال في مختلف مناطق الدولة، وليس هذا فحسب، بل قام بشراء جميع المحاصيل الزراعية كل عام في سبيل دعمهم، كما أمر بزراعة 100 مليون شجرة ونشر المروج الخضراء والحقول المثمرة والقمح والفواكه.


ونجحت الخطط الرامية لمكافحة التصحر ووقف زحف الصحراء من خلال زراعة الأحزمة الخضراء والغابات بين الرمال، وكان زايد يشارك المزارعين بنفسه، ويوقف موكبه من أجل مشاهدة الأشجار أو النخيل التي تحتاج إلى تقليم أو عناية زراعية فيقوم بنفسه بذلك، رغم وجود الحرس الخاص الذي كان يرافقه أو المختصين الزراعيين الموجودين في البلديات أو وزارة الزراعة آنذاك.

ما صنعه زايد معجزة خضراء في أرض صحراء سيبقى في التاريخ ماثلاً لكل من يريد الحياة لشعبه ودولته

إن حب زايد للزراعة جعله يتصرف بسجيته البسيطة السمحة بتولي تلك المهام بنفسه، وهي رسائل واضحة لجميع فئات المجتمع، بأن الزراعة هي سلم الحضارة والاستقرار والأمن والأمان، حيث إن الدول التي تمتلك غذاءها تمتلك العالم بأسره.


في كتاب «زايد رجل بنى أمة»، ذكر المؤلف غريم ويلسون رواية للرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل يقول فيها: «في إحدى زياراتي إلى أبوظبي، كنت مع الشيخ زايد في سيارته ولم يرافقنا أحد» ويضيف: «عند أحد المنعطفات التفت الشيخ زايد فرأى شجرة كبيرة وارفة، وكانت مائلة على جنبها حتى إنها لتكاد تهوي على الأرض، أوقف الشيخ السيارة واتصل عبر هاتف سيارته بالمسؤولين في القصر، ولم نكن بعيدين عنه، طالباً إرسال من يهتم بالشجرة ويعيدها جالسة وراكزة في مكانها».

إن ما صنعه زايد من معجزة خضراء في أرض صحراء، سيبقى في ذاكرة التاريخ ماثلاً لكل من يريد الحياة لشعبه ودولته، ونحن الآن بعد الجائحة يجب أن نعيد ونجدد الدعم للمزارعين، ونساهم ونعالج كل العقبات التي يواجهونها، لمزيد من الحياة الصحية الطبيعة الخالية من المواد الكيميائية، التي نجح معظم المزارعين المواطنين في تحقيقها.