الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

أين اختفى الضاحكون المضحكون؟

حينما تشاهد الصور القديمة بالأبيض والأسود، فإننا نشاهد فيها الناس جادّين لا يبتسمون، ولكن حينما يتذكر آباؤنا وأمهاتنا تلك الصور القديمة، ترتسم على شفاههم ابتسامة على أوقات كانت سعيدة بكل ما فيها من تعب وشقاء.

اليوم، نجد أغلب الصور التي نلتقطها ونخزنها في هواتفنا، أغلبها فيها ابتسامة عريضة ولكن بلاستيكية غير حقيقية، تنتهي بمجرد التقاط تلك الصورة، فلماذا غابت الابتسامة في وقتنا الحاضر؟ لماذا انقلب حالنا في زمن بسيط، وتغيرنا، وصارت النفسيات متوترة، ومزاجها حاداً، وأقل القليل يثيرها، والقليل لا يفرحها؟

الابتسامة والضحك من الأشياء التي بحث عنها الإنسان منذ القدم، حتى أنها كتبت على جدران معابد الفراعنة، والحضارات القديمة، واستمرت وتواجدت في كل العصور، فما الذي جرى اليوم؟


أغلب الناس حزينون بوجوه عابسة، الأب مهموم والأم كئيبة، والأولاد يعلم الله بحالهم، الكل يعاني من ارتفاع ضغوط الحياة ومتاعبها. معظم الناس مهمومون ومديونون وعليهم أقساط ويعانون من ارتفاع الأسعار في كل شيء، والضحك الذي كان رخيصاً أو مجانياً أصبح غالياً ونادراً.

النكتة والفيلم الكوميدي والصورة الشعرية الساخرة والمقال المتهكم هي طرق لمقاومة المصاعب

للضحك فوائد: مزيل للهم، مقاوم للغم، دواء لما لا نعرفه. الضحكات ذات تأثير قوي على العقل والجسد والروح، والضحكة هي وسيلة تواصل رائعة مع الآخرين، وهي إحدى الأدوية المضادة للأمراض والأوجاع! ولأن الضحك على هذا النحو، فقد عرفته كل الأمم، وأصبحت النكتة والفيلم الكوميدي والمسرحية الهزلية والصورة الشعرية الساخرة والمقال اللاذع والمتهكم، إحدى طرق علاج ومقاومة المصاعب والكوارث.


في عصر التكنولوجيا هل نحتاج إلى عقل آلي (كمبيوتر) ضاحك، نسأله فيجيب ونطلب منه طرفة فيخرج لنا نكتة؟

أين ذهب الضاحكون المضحكون؟ ولماذا اختفوا؟ أين نحن من تلك الأيام التي كنا نسهر فيها على مغامراتنا وحكاياتنا وحماقاتنا ونضحك عليها بجنون، كانت أوقاتاً قذفنا فيها الحزن من النوافذ، وعلقنا الضحكات على جدران حياتنا، واليوم لا نسمع لأولئك الضاحكين صوتاً، والقهقهة غادرت المجموعات، فما الذي دفع الضحك إلى الرحيل؟ لماذا أصبحنا نتشارك على مواقع التواصل المآسي، ومقاطع الحوادث وإطلاق النيران والقتل؟!

حين كنا نسمع آخر نكتة لم نتصور أنه سوف يأتي يوم تنقرض فيه الضحكة من حياتنا، وحتى مسؤولو السعادة في مؤسساتنا ووزاراتنا لم نعد نراهم أو نسمع عنهم، فأين اختفوا؟