الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

يومٌ ويوم

من سُنن الحياة، أنّ دوام الحال من المحال، فمن المحال أن تمضي على وتيرة واحدة، فتأتي يوماً صحواً، ويوماً غائماً، ويوماً حلواً، يوماً مراً، يوماً مناصفة ما بين البينين، فقد يبدأ بضحكة، وينتهي بدمعة. يوم يمر خفيفاً كحلم جميل، وآخر ثقيلاً ككابوس يجثم على القلب.. هكذا تتسرب أعمارنا في ثنائيات «متضادة متلازمة» ما بين مدّ وجزر، في يوم من هذا ويوم من ذاك!

يوم يمر كالفراشة الناعمة، تتمنى ألّا ينتهي؛ تمضي متوكلاً على الله، قاصداً حاجتك في إحدى الوزارات أو الدوائر الحكومية، فتتعثر بإحدى الغنائم فتنجز معاملتك بلا واسطة، ولا كتاب توصية، ولا «ألوووو» من فلان!

ويوم تكون أوراق معاملتك كاملة على حسب الأصول، لكن «السيستم» معطّل، وعليك المراجعة في يوم آخر!

ويوم مديرك المباشر يوزع ابتساماته المجانية على «إللي يعرفه وإللي ما يعرفة»، فتعرف أن «غزالته رايقة تماماً»، فتدعو أن تبقى من خِصاله الحميدة الدائمة، ويوم تُلقي عليه التحية ثلاثاً فلا يرد، فينكمش وجهك خجلاً، وتشتعل كل وساوس إبليس في صدرك!

يوم تجد أم العيال «كاشخة»، و«متعدلة» كأنها عروس جديدة في انتظارك، بذلك اللبس الغاوي، ورائحة المسك ودهن العود، وأدخنة العود والبخور والعطور «تشل وتحط منها»، وبيتها نظيف، يشع بالرومانسية، مع تلك المائدة الساخنة العامرة بما تشتهيه نفسك، تتلقاك بذاك الوجه السمح «إلليّ يسر الخاطر، ويطرد الشّر!، والتهلل والتراحيب بك مرضوفة»، ويوم آخر تشّك بأنك متزوج.. «تقول مخاويلك شرطي منشآت عقابية»؛ عافانا الله!

يوم أبوالعيال ضحكته تطر وجهه، فتعرفين أن مؤشر السوق أخضر، ويوم لو أنّ إصبعه حطّ على أرنبة أنفه بالخطأ، لقطعه، فهذا يعني أن مؤشر السوق «والع أحمر»!، فتقولين:«عليه العوض ومنه العوض»!

ويوم جارك يصبحك ويمسيك، ويبعث لك نغصة من غداهم بين يوم ويوم، ويوم من شاف سيارتك المرسيدس الـ 2022،500 واقفة أمام دروازة باب بيتك بدلاً من النيسان الفتِك القديمة، علت وجهه غمامة، وتغيّر طبعه وكلامه، وأنكر سابق ودّه وسلامه، وبدّلها حسداً ولآمة!

ويوم تسير وفق نظام صحي و«جيم» و«أورجانك فوود»، وكل شيء بمقدار، والنشاط والحيوية تتقافز من جسدك، ويوم تتكوّر كخلاط «ردي مكس» في وسط صالة البيت، ترعى صباح مساء أمام شاشة التلفزيون أوالموبايل، مرتدياً «الجلابيّة» النصف كُمْ، الزرقاء المخططة، ولا تتورّع حتى الذهاب بها إلى المسجد!..

يوم تهل على هاتفك رسائل «الجمعة المباركة» زرافات من الفجر، وفي يوم جمعة آخر تتساءل: «وين الناس، أو شو اليوم»؟!.