الأسبوع الماضي ذكرت أن مدناً عديدة حول العالم منعت السيارات من بعض شوارعها وحولتها لشوارع خاصة للمشاة فقط، وأود أن أذكر بعض الأمثلة، فمثلاً بوغوتا عاصمة كولومبيا، ومدن أخرى تغلق شوارعها كل يوم أحد من السابعة صباحاً وحتى الثانية ظهراً.
في هذا الوقت يمكن للناس المشي في الشوارع واستخدام أي وسيلة نقل شخصية للتنقل وهذا يشمل الكراسي المتحركة، والنتيجة أن المدينة تهدأ أثناء هذا الوقت، إذ يمكن للناس الاستمتاع بهذا الهدوء والأمان لممارسة أنشطة مختلفة في الهواء الطلق.
بوغوتا نفسها تغيرت في العقود الماضية، فقد كانت مدينة سيارات ولا تزال مزدحمة بالسيارات، لكنها تغيرت لتعطي أهمية أكبر للدراجات الهوائية والحدائق العامة وللمشاة، ومن نتائج هذا التحول أن المدينة أصبحت آمنة أكثر وأصبحت درساً لمدن أخرى حول العالم.
العالم العربي بحاجة لأن يتغير كذلك، فبعض مدننا تعاني تلوث الهواء والتلوث الصوتي بسبب السيارات
عاصمة فرنسا تتغير كذلك، الحكومة تخطط لأن تكون المدينة قابلة للمشي ومناسبة للدراجات الهوائية بالكامل في 2026، وقد بدأت في فعل ذلك في بعض شوارع المدينة حيث خصصت مسارات للدراجات الهوائية وهذا قلص المسارات المخصصة للسيارات، والشارع المحاذي لنهر السين أغلق في وجه السيارات كلياً وخصص للمشاة وراكبي الدراجات الهوائية، عدة أنفاق أغلقت وخصصت للدراجات الهوائية فقط، بعض مواقف السيارات حولت لمواقف دراجات هوائية، هناك طريق رئيسي أغلق للسيارات وحول لمسار درجات هوائية في اتجاهين وجزء منه مخصص فقط لعربات النقل العام وسيارات الأجرة، وكل هذا هو بداية فقط لعملية تغيير شاملة للمدينة.
باريس تمنع السيارات في أول يوم أحد كل شهر، مدريد منعت السيارات التي صنعت قبل عام 2000 من السير في طرقاتها، وسيارات الديزل التي صنعت قبل 2006 وهذا للتخفيف من التلوث، نيويورك حولت ميدان التايمز لمساحة للمشاة فقط، أوسلو تخطط لمنع السيارات من مركز المدينة وتخصيص طرق للمشاة فقط، نصف سكان كوبنهاغن يفضلون استخدام الدراجات الهوائية، وهذا بعد استثمار العاصمة في طرق مخصصة للدراجات الهوائية، وكذلك الحال في هولندا حيث الناس يفضلون الدراجات الهوائية للتنقل اليومي وبعضهم يستخدمها حتى للتنقل بين المدن.
العالم العربي بحاجة لأن يتغير كذلك. بعض مدننا تعاني تلوث الهواء والتلوث الصوتي بسبب السيارات، وهذا التلوث له ثمنه الذي يدفعه بعض الأفراد بصحتهم، الجو لدينا حار ولن أنكر ذلك لكن لكل مشكلة حل ويجب ألا نجعله عذراً لعدم التغيير، لا يمكن أن نقبل بالوضع كما هو دون تغيير.