الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

لا تخلي عمرك سبوس

من تابع تويتر الإمارات خلال اليومين الماضيين سيعتقد للوهلة الأولى اندلاع حرب عالمية ثالثة أكلت الأخضر واليابس في العالم، تغريدات وهاشتاغات وتحليلات استخباراتية نسائية، وتسريب معلومات شخصية، انتشار مقاطع فيديو مصورة، وأخبار على مدار الساعة تحلل موضوع الزواج الثاني لأحد مشاهير التواصل الاجتماعي.

أصابني هذا الأمر بحيرة شديدة مما يحدث حولي، أدركت حينها كيف صار الوضع مليئاً بالتفاهات والأخبار «السخيفة» التي يتداولها الجميع في مشارق الأرض ومغاربها، وكيف بات الاهتمام السخيف بشؤون الآخرين يتصدر محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي.

أكثر ما أحزنني في هذا الموضوع كيف تحول الموضوع إلى هجوم شخصي غير مبرر على الزوجين، وإقحام أمور عائلية وشخصية بحتة، والبحث عن كل ما يتعلق بالزوجة الجديدة من اسمها وصورتها ومقر عملها، لتبدأ التحليلات والدراسات والأسباب المتعلقة بهذا الزواج، وما موقف الزوجة الأولى، وما هي ردة فعل الأطفال على زواج الأب؟ والكثير من الاستفسارات التي لا تخطر على بال، ثم كان لا بد من إدخال الرأي الشرعي في تعدد الزوجات، وما هي المآخذ والأسباب المقنعة للتعدد، والحديث عن الآيات وغيرها لتتحول قضية الزواج الثاني إلى زوبعة إلكترونية مثيرة للجدل والخلافات بين الطرف المؤيد والرافض رغم أنها لا يمكن أن تكون أكثر من زوبعة في فنجان.

تعلمنا منذ نعومتنا أن البيوت أسرار، ومن لا يحتفظ بأسرار البيت يجد نفسه على كل لسان

أتعاطف مع أي شخص يقتحم الآخرون حياته الشخصية، ولا أقبل أبداً أن تصبح المواضيع الشخصية متداولة أمام كل من هب ودب، خاصة عندما تتحول إلى نقمة ولعنة على صاحبها، فكما يقال: للشهرة ثمن، لكن من منظور آخر، هناك من شارك الآخرين تفاصيل حياته، جعلهم يتعلقون بيومياته، بأسفاره ورحلاته ومغامراته، جعل من نفسه أشبه بقناة تلفزيونية مفتوحة يتابعها الجميع دون استئذان، لتكون النتيجة في مثل هذه المواقف مزعجة ومقلقة ومثيرة للاستياء، هنا يكمن الحل في طريقتين، إما الابتعاد عن دائرة الضوء وإما الاستمرار فيها ودفع قيمتها بثمن باهظ.

تعلمنا منذ نعومة أظافرنا أن البيوت أسرار، وليس كل موضوع يحدث قابل للتداول خارجه، ومن لا يحتفظ بأسرار البيت يجد نفسه على كل لسان، لن يتحدث الناس عن الأسرة المتماسكة، بل سينشرون القصص عن الأسرة التي تعتدي فيه الزوجة على الزوج، وعلى الابن الذي يضرب زوجته، وعن الرجل الذي عض الكلب، لذا كثيراً ما أتذكر المثل المحلي القائل: «اللي يخلي عمره سبوس تلعب به الدياي».