الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الخزي والعار

يتساءل الدكتور عماد عثمان في كتابه الذي جاء تحت عنوان «والدي الذي أكره»، عن علاقة الإساءات بشعور الضحية بالخزي والعار؟ فيقول إنه يتذكر جيداً يوم سمع تلك الرابطة للمرة الأولى، فكان مندهشاً كمن أصابته صدمة! متسائلاً كيف يتم ذكر الكلمتين في عبارة واحدة، ما علاقة (الخزي والعار) بالتعرض للإساءات؟ كيف يمكن للضحية أن تشعر بالذنب أو الخزي؟

عاش عثمان عمراً من دون أن يفهم ما هو ذلك الرابط بين جروحنا وصدماتنا ومآسي تاريخنا، الذي تشكل في تربيتنا وبين شعورنا بالخزي وحاجتنا للاختباء، حيث تعلّم بشكل متأخر أن النشأة تحت سطوة ذلك الأب المؤذي أو الأم المسيئة، لا يمكن أن تجعل الأبناء يكبرون وهم يكرهون آباءهم، إنما يكبرون وهم يكرهون أنفسهم!

أتوقع بعد أن تقرأ ما كتبه الدكتور عثمان، ستعاود ذاكرتك لتبحث فيها عن عدد من المواقف، التي شعرت فيها بالخزي والعار من دون سابق إنذار. يكبر الأشخاص الذين تربوا على التربية التي بها بعض الشيء من العنف، فيشعر بأنه لا يستحق الحب، أو أن لا أحد يمكن أن يقبله كصديق أو حتى كعشيق، حيث يعيش ذلك الصراع العنيف بداخله، كيف يمكن أن يقبله الآخرون وهو الذي عاش في كنف من يعتقد أنه سيستمد الحب منهم ولم يتلقَ ذلك كما هو معتاد، الحب غير المشروط، الحب الأبيض الذي يأتي من دون عقبات أو عقوبات.

يضيف الدكتور عماد عثمان: الأشخاص الذين تعرضوا للإهانة والضرب والذل في طفولتهم، ستكون ذاكرتهم بها خدش كبير، حيث يفكر- لا واعياً- أين يكمن الخلل؟ وكجزء من تلك المثالية التي نخلعها على الأبوين في الطفولة، لا يمكننا أن نراهم على خطأ، إذا نحن على خطأ، بل نحن الخطأ نفسه!

الحقيقة أن هناك صدمة أعنف وأقوى، حين تكون الإساءة إلينا خارج نطاق الأبوين، فهي أيضاً تمنحنا نفس الشعور بأن الخطأ فينا نحن، بعض الأحيان نشعر بأننا نستحق هذا اللوم، وكأننا شركاء في الجرم من زاوية ما، وكأننا دوماً نشعر بأننا نستحق هذه العقوبة.

توقفت أكثر حينما قال عثمان، إن كل من تعرّض للتحرش على سبيل المثال في طفولته، ورغم كونه ضحية مغلوبة، فإنه يكبر- حسب اعتقاده- والدنس جزء منه، وجسده ملوث، وبه خطأ ما، خلل ذاتي، ذلك هو الخزي.

البعض يستطيع أن يحول الخزي إلى مكمن قيم، يمكنه من بناء نفسه وينجيه من هذا التاريخ الشائن.