الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

عذراء الثلج والأقسام السبعة!

البعض يحب الشخص الخطأ بطريقة صحيحة، والبعض يحب الشخص الصحيح بطريقة خاطئة، وكثيراً ما يحدث أن يحب البعض الشخص الخطأ بطريقة خاطئة، لكن نادراً ما يحدث أن يحب البعض الشخص الصحيح بطريقة صحيحة، والآن أعد قراءة ما كتب أعلاه، ثم صنف نفسك في الخانة التي تتناسب معك، لتعرف من أي «بعض» يأتي بعضك! حسناً.. لا تهتم فقد لا يلاحظ أحداً حزنك أو ألمك، ولا حتى همك أو غمك، وقد لا يلاحظ أحداً وجودك من عدمك، وربما حتى ماهيتك أو اسمك، ولكن الأكيد أن الأغلبية.. نعم الأغلبية سيلاحظون خطأك أو إثمك! أليست هذه الحقيقة؟!

الموسيقار الروسي العظيم (نيكولاي ريمسكي كورساكوف)، الذي صنع الجمال من صلب الألم والحسرة والكبت والخوف، انحدر من أسرةٍ عريقة من الشواطئ، وبالتحديد من فئة الجندية العسكرية، ولذلك عندما ظهرت موهبته الفنية في سن الطفولة، رآه ذووه وكأنه قمر يجب أن يأفل، فأصبحت أبواب الأنغام في وجهه معدمة ومقفلة، وباتت دروبه محفوفة بالمخاطر والعقبات والصعوبات مكفولة، إلى أن صدحت عالياً أنات شوقه عبر دمعه، لتشرق ألحاناً تذوقها روحه قبل بصره وسمعه، في «نوتاتٍ» من اللؤلؤ الخالص والمحال جمعه، فقد قطف بين يديه أول مؤلفاته كالثمر، تماماً عند بلوغه 18 من العمر، ومن غرائب الصدف أنه بعد مرور 10 سنوات بالتمام والكمال، أعجب بتلميذته النجيبة فتزوجها وأعلن الاكتمال، وهكذا ازدهر إبداعه وتكاثف وازداد، خاصة بعد تلحينه مقطوعة "شهرزاد"!

جمع الرائع كورساكوف عدداً ضخماً من الأغاني المحلية والألحان الشعبية، وحينئذ اكتشف خفايا غريبة من الطقوس الوثنية، فطفق يقيس مدى تأصلها في أعماق وأواصل الموسيقى الروسية.

انكب على مراجعة المخطوطات الخاصة بالأوبرا، الأمر الذي عمّق معرفته بالمؤلفات الحرة، وبالتالي وصل وبجدارة إلى القمة أو الأوج، وبالأصح إلى مرحلة العمق والنضوج، فقد قدم عملاً أوبرالياً أشبه بالحلم الممزوج، برائحة المطر الغزير ونكهة المروج، ثم أطلق عليه اسم (عذراء الثلوج) أو (عذراء الثلج) حيث تبدأ قصة الأقسام السبعة، بعيداً جداً عن قصة بياض الثلج والأقزام السبعة، لنجد أن القسم الأول يأتي بين الابتكار والإبداع، والقسم الثاني بين السهولة والصعوبة، والقسم الثالث بين الشطارة والمهارة، والقسم الرابع بين العمق والإثارة، والقسم الخامس بين الإلهام والانسجام، والقسم السادس بين الملموس والمحسوس، أما القسم السابع والأخير فيأتي بين الحقيقة والخيال.