السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مذكرات الجائحة «الرمضانية»

قبل عامين، حدث أن تزامن حلول شهر رمضان مع بدايات جائحة كورونا، كانت هناك ساعات حظر تجوال، وساعات عمل محددة لمنافذ البيع، ولأننا كنا نتعامل مع فيروس شرس نجهل آلية انتشاره، كانت هناك تعليمات مشددة على ضرورة التباعد وتعقيم اليدين ولبس الكمامات والكثير من الإجراءات الاحترازية لتقييد مسارات انتشار الفيروس وسلامة المجتمع.

الناس في بداية الجائحة، كانوا قلقين بشأن «العيشة»، أي الغذاء، فكانوا «يكرفون» ويخزنون المواد الغذائية والاستهلاكية وغير الاستهلاكية «كرافاً» بلا حساب أو وعي، وكأنها ستختفي تماماً من الأسواق أو أنهم لن يتمكنوا من الخروج من بيوتهم للتبضع إلاّ بعد انتهاء الجائحة وانحسار الفيروس كلياً!

وكانت الشائعات والتأويلات والاجتهادات الشخصية تنتشر كالنار في الهشيم، إشاعات عابرة للقارات والمحيطات، إلى أن دفع ببعض الجاهلين لاستحداث مستودعات لتخزين الأغذية في بيوتهم والتي «طاحت في كبودهم» فيما بعد لتصبح إما طعاماً للطيور أوعلفاً للهوش أو فائضاً في مكبات النفايات بعد استنفاد صلاحيتها!

هذا السُعار الاستهلاكي الذي حدث في بدايات الجائحة، كان له تداعيات سلبية على المستهلك وعلى استقرار الأسعار في عموم منافذ البيع والسوق عموماً، كاختفاء سلع معينة بسبب تكديسها من قِبل المستهلكين أو من قِبل التجار للتحكم بأسعارها واستغلالهم لتداعيات الجائحة بشكل غير قانوني والتأثير على حركة العرض والطلب واختلاق أزمة غذاء من لا شيء!

لا أذكر أن قصدت منفذاً لبيع السلع الاستهلاكية ولم أجد السلعة التي أريد، فجميع السلع الاستهلاكية وغير الاستهلاكية كانت مكدسة على الأرفف وبكميات تفوق ما كانت عليه قبيل الجائحة، ولكن الناس لا يتورعون عن تقفّي الشائعات والامتثال لمروجيّها دون تفنيد، حتى جاءت كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولي عهد أبوظبي _ حفظه الله ورعاه، لطمأنة الناس عبر رسالة متلفزة بأن «الدواء والغذاء خط أحمر، وفي وفرة إلى ما لا نهاية»، كما أطلع سموه الجمهور على حالة ومستويات منظومة أمننا الغذائي ومدى مرونتها في التعامل مع التحديات والأزمات وأهمية أن يسهم المجتمع في تعزيزها، بالتخليّ عن عاداته السيئة في مثل هذا الشهر أو في مرحلة انتشار الفيروس الطارئة، كالإسراف وهدر النِعَم والشراء العشوائي أو تكديس المواد فوق حاجة المستهلك، طالما لا توجد ضرورة لذلك ولطالما كنا نتمتع باقتصاد وطني يعد واحداً من أقوى النظم الاقتصادية على مستوى العالم.. فكل عام والوطن وولاة أمورنا بخير وعز وأمن وسلام».