الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الشارقة.. الثقافة العابرة للحدود

إذا ما عدنا إلى أصل التطور الثقافي المرتبط ارتباطاً وثيقاً بعملية التغير الاجتماعي، لوجدنا تحميل هذا المصطلح يظلم جماليات صنوفه وأعرافه بحسب نظرتي الخاصة، فحينما يقول هربرت سبنسر إن البشر يتطورون إلى كائنات أكثر تعقيداً مع تقدم الثقافة أرى العكس تماماً، فجميعنا قد يستمتع بموسيقى وأغاني لا يفهم كلماتها أو لوحات تثيرنا ألوانها وخطوطها بغض النظر عن رسالة الفنان الحقيقية ومعرفتنا العميقة بالفن، وقد نسمع فنانة أوبرا ونجلس منبهرين بقدراتها لا بكلماتها.

إذن الجمال يختلف من عين لأخرى، وتكمن أهميته في هذا الاختلاف الذي ولد انسجاماً عالمياً بين مختلف الأجناس بدافع «الفضول»، لكي يعرف كل منا الآخر ويتقبله ويغرف منه، ليُحدث خليطاً ثقافياً شمولياً جميلاً لا يتعدى على الخصوصية الحضارية والكينونة الثقافية ولا ينتصر لصالح غرب أو عرب، بل يضع الجميع على خط متوازٍ.

كانت لحظات سطعت على يد بعض الشخصيات المؤمنة بإعادة النهضة الثقافية إلى مكانتها التي تليق بها وتهذيب الفكر الأحادي المنغلق والمؤدلج والعنصري ونقله نحو التنوير والوعي والانشراح.

يختلف الجمال من عين لأخرى وتكمن أهميته في هذا الاختلاف الذي ولد انسجاماً عالمياً بين مختلف الأجناس.

عربياً يتولى هذا الفعل المستدام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو مجلس للاتحاد حاكم إمارة الشارقة، الذي كان مبدأ فعله قد انطلق من العقل والفكر، وساقه نحو آليات تنفيذية مدروسة، تعيد للهوية العربية والإسلامية أمجادها وتزيل عنها الغموض والأوصاف التشويهية، لنرى اليوم قافلة العرب الثقافية عابرة للحدود و تجوب أقاصي الأرض وأدانيها بمجهود فردي يقوده سموه.

الرسالة باتت واضحة منذ سنوات والفعل يؤتي ثماره اليوم ليحتفى بالشارقة وتجربتها، التي تتعدى مجرد كونها محاولة إلى مشروع إنساني متبلورٍ بعنصرَي الزمان والمكان منتجاً خزينة ثقافية لا تنضب، أحدثت تغييراً تصفق له كبريات المدن العالمية وآخرها لندن، التي تحتفي بالشارقة كضيف شرف لمعرضها الدولي للكتاب، وهي أول مدينة عربية تنال هذا التقدير.

لا غرور حينما نقول بأن تلك العواصم هي التي تتشرف بالشارقة اليوم، التي تذهب محملةً بمؤسساتها وكُتابها وتنقل لهم ما حققته في هذه الصناعة الفاخرة.. صناعة الأدب والمعرفة!

ويبقى السؤال الأكبر حول مستقبل الثقافة والنظر إليها كمفصل تنموي رئيسي تخصص له الميزانيات والدعم، هل تحقق ما نصبو إليه فينقلها إلى مصاف الأولويات أم لا تزال الثقافة تراوح مكانها؟

يبدو أن إكسبو دبي 2020، جامع الثقافات والشعوب الذي ودّعناه مؤخراً بإمكانه أن يجيب عن هكذا تساؤل!