الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الدراما الإماراتية.. إلى أين؟!

ليس كل ما يحدث في الواقع قابلاً للنشر الإعلامي والتعاطي الدرامي، وخاصة إذا كان فيه خدش للأخلاق وتجاوز للأعراف والتقاليد والقيم.

"نقطة آخر السطر".. هذا بالضبط ما ورد إلى ذهني وأنا أشاهد مسلسلاً إماراتياً يعرض على قناة محلية في رمضان، يتناول قضايا مجتمعية وأخلاقية بقالب فكاهي.

شاهدت حلقات عدة من هذا المسلسل وتفاجأت حقيقة من الجرأة في طرح موضوعات فيها إلى جانب كونها خادشة للحياء تستصغر المرأة وتحتقرها وتعاملها كسلعة مطلوبة بمواصفات معينة، فما بين مشاهد داخل غرفة مقابلة لشاغر وظيفة لفتاة إماراتية تجاوز لباقة الحديث، ومشهد لرجل يطلق أوصافاً جنسية واضحة ومعروفة داخل الوسط الاجتماعي الإماراتي، إلى تجاوزات أخرى! أستغرب كيف مرت على أقسام الرقابة الدرامية والمعنيين بإحكام القبضة على المحتوى في وزارة الثقافة الإماراتية!

لا أعذار هنا يمكن تبريرها كما يحدث مع الخروج عن النص على خشبات المسرح ويتحمل مسؤوليتها الممثل!

يبدو أننا نحتاج إلى وقفة جادة مع منتجنا الدرامي ولعودة أصوات النقاد لتقديم رؤيتهم التي غابت!

لا شك أنه من الجيد عودة الإنتاج الدرامي المحلي إلى الساحة بسقف عالٍ في الطرح وبنوع من الحرية كما هو الحال في زمن ما مع مسلسل «حاير طاير»..ولكن من المهم جداً أن يكون في إطار «المسؤولية الأخلاقية» ويراعي خصوصية المجتمع وهويته العربية والإسلامية، وألا يغفل وجود أطياف مختلفة وشرائح عمرية متنوعة تشاهد وتتأثر وتتبنى صورة نمطية لدى الآخر حول هوية ومزاج الإنسان الإماراتي.

النقد الاجتماعي عبر الدراما مسألة مهمة وحساسة جداً، تتطلب حذراً في الطرح، وهذا لا يعني تحويل المسلسلات من هذا النوع إلى برامج توعوية! فهي بطبيعة الحال مطلوبة وواقعية ولكن فيها خط فاصل ما بين النقد البناء والذي يقدم حلولاً لمعضلات اجتماعية على طريق النكتة والفكاهة، بسيناريو يحبك بطريقة لا مباشرة، وما بين الطرح لمجرد الاستعراض وخلق بلبلة اجتماعية وإعلامية دون معالجات واقعية للمشكلة، في منحى يثير حمية الناس ويغيظهم.

هنا يصح أن نقول: «غلطة الشاطر بألف».. فحلقة واحدة مسيئة قد تضيع مجهود حلقات عدة مفيدة ومتوازنة، قد شاهدتها في نفس المسلسل وكنت حينها متفائلة بعودة الدراما الإماراتية إلى خط النقد المسؤول، ولكن الحكم يحتاج دائماً إلى تشكيل صورة شفافة وحيادية.. وبعد أن وصلنا إلى نهاية رمضان الفضيل يبدو أننا نحتاج إلى وقفة جادة مع منتجنا الإعلامي والدرامي ولعودة أصوات نقاد الإعلام والتلفزيون لتقديم رؤيتهم التي غابت عن الساحة لسنوات طويلة نتيجة عوامل عديدة لا نلومهم في بعضها!.