الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«جعلوني متدرباً»

تشتكي العديد من الجهات من عدم كفاءة بعض خريجي الجامعات والمعاهد، وعدم إلمامهم بالمهارات الأساسية للعمل المتوافق مع تخصصاتهم تحديداً.. وهنا تبدأ عملية رمي كرة الاتهامات ما بين تلك الجهات والجامعات، دعونا نتابع دورة حياة الخريج ونضع اليد على مواضع الخلل.

في مثل هذا الوقت من كل عام تتوافد أعداد كبيرة من الطلبة ممن هم على أبواب التخرج لقضاء فترة التدريب العملي الإلزامية في المؤسسات والدوائر الحكومية والشركات الخاصة، بهدف خوض غمار التجربة الحقيقية لما تمت دراسته على مدى 4 سنوات.

وهنا تبدأ مرحلة مفصلية ومهمة في حياة هذا الطالب، تتحدد بناء عليها رغبته في متابعة شغف التخصص الذي اختاره، أو العزوف عنه، مدفوعاً بموجة إحباط لما عايشه في موقع العمل الذي استضافه كمتدرب..!

الباحث عن عمل يساير أمزجة الموظفين الذين كانوا يوماً «متدربين»، وتناسوا ذلك فتجدهم يتعاملون بنوع من التململ ويقدمون المعلومة على مضض

تبدأ الرحلة بالبحث عن جهة مستضيفة للطلبة المتدربين، إذ تبلغ الجهة التعليمية طلبتها بقائمة الجهات المتعاونة معها ليبدأ الطالب بنفسه أخذ موافقة للتدريب ليحاول مرة و مرتين وينجح في الثالثة، بينما من الأفضل أن يتم التنسيق مباشرة بين الجهة والجامعة لتدارك الاختيار القسري والذي لا يلبي المطلوب.

وما نتحدث عنه هنا أمر من الأمرين، فكثير من جهات العمل لا تعي الاحتياجات التدريبية المطلوبة منها لتزويد الطلبة بها، فتجد عند وصول الخريجين إلى مقارهم يتم توزيعهم بشكل عشوائي، وفي أقسام بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم الأساسية، وقد يكون هذا الطالب محظوظاً إذا تم قبوله في مؤسسة محترمة ذات مهام كبيرة، بينما يتم قبول الأغلبية في جهات أو مكاتب لا يتجاوز حجمها غرفة وصالة، وبالكاد ينجز موظفوها المهام، ولكم أن تتخيلوا حجم الوقت الضائع المهدر في هكذا أمكنة وبالأخص إن كان الطالب قادماً من تخصص فني ومهاري لا إداري !

ويضطر ذاك المسكين الهارب من بيته لتمضية الوقت في مكان خارج الجامعة، أو الجاد الباحث عن فرصة حقيقية لتوظيف ما تعلمه، وإبهار الجهة المستضيفة بمهاراته حتى تقبله لاحقاً، والباحث عن عمل يساير أمزجة الموظفين الذين كانوا يوماً «متدربين»، وتناسوا ذلك فتجدهم يتعاملون بنوع من التململ ويقدمون المعلومة على مضض وينقلون إحباطهم لهؤلاء الخريجين، وفي المقابل هناك أشخاص يستشعرون حاجة المتدرب للتعلم، ما يجعلهم يتطوعون لتأهليه ومساعدته، وهم قلائل وبينما الوضع كذلك، يأتي الطالب المتذاكي ليمثل عدم إلمامه بالمهمة المطلوبة، حتى لا تلقى على عاتقه الأعمال الأساسية التي يقوم بها الموظفون بأنفسهم، فالعملية بأسرها دون مقابل في نظره!

إلى الملتقى في مقال قادم، سأذكر فيه بعض المقترحات و الحلول التي ناقشتها مع المعنيين بالتدريب في جهات تعليمية وجهات عمل.