الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

سر دانة

اللصوص لا يسرقون البيوت الخاوية، والقلوب الخيّرة لا تسقط إلى الهاوية، والنفوس الطيبة لا تبهرها المحفزات الغاوية، نعم.. هكذا قد تبدو العدالة وإن لم تكن يوماً متساوية، مع أننا جميعاً أبناء أبينا آدم خلقنا سواسية، فهل ترون نظريتي هذه جيداً ومن الزاوية نفسها؟!

فالحقيقة أنه لا بأس ببعض صفعات الزمن حين لا نفهم الدرس، ولا ضير من ألمٍ يعلمنا وإن كان أشد من نخر الضرس، لكن تلك الكلمات أشبه برصاصات الإرهاب، وذلك الجور ونهب الحقوق أشبه بالسرقة والاغتصاب، ولن أفسر أكثر فمن ذا الذي يستطيع أن يفسر؟ تماماً كتفسير الماء بالماء! عفواً.. أقصد العذاب بالعذاب، حيث لا يوجد مبرر للظلم؛ فالظالم الغاشم لا يحتاج لسببٍ كي يَــظلُم، تماماً كالليل الغاسق لا يحتاج لسببٍ كي يـُظلِم، حسناً كالعادة لا عليكم، فإذا حضر الظلام بطل التكتم! وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء (عليه)!

كان حظه كبيراً جداً فقد حظي بضعف نصيبه من الألم، ولعله لذلك كتب دموعه لحناً عميقاً بلا قلم، (مهدي حسين أبوسردانة) أو (مهدي أبو سردانة) أو باختصار (سردانة) صاحب النغمة اللذيذة الرنانة، الموسيقار والملحن الفلسطيني الرائع والعظيم، الذي يستحق ألف سلامٍ وألف تعظيم، فهو من عائلة مناضلة في سبيل وطنٍ حرٍ مستقل، ضد كل عدوانٍ خبيثٍ وضد كل عدوٍ مستغل، فقد ساهم بموسيقاه العظيمة في شحذ الهمم ورفع الروح المعنوية ومشاعر الحماسة، بمؤلفاتٍ ثورية تقذف الطغيان ناراً بكل فن وكياسة، وتسرح شتى الأحاسيس المكبوتة من دون حراسة، فتطهر القلوب المظلومة والأرواح المكلومة من ظلم الرجس والنجاسة، حيث شهد (مهدي سردانة) النكبة التي حلّت بالشعب الفلسطيني وهو طفلٌ صغير، وعلى إثرها هاجر مع عائلته إلى مدينة غزة وفي قلبه حلم كبير، بعدها توجه إلى مصر والتحق بالمعهد الموسيقي في مدينة القاهرة، وهناك بدت علامات الإبداع عليه واضحة كالشمس وظاهرة، فأصبح وكأنه المعجزة والأعجوبة والأسطورة والظاهرة.

ومنذها أصبح حالة خيالية إبداعية موسيقية فنية، وبطلاً بارزاً في الكرامة الإنسانية، لإنتاج أناشيد الانتفاضة الفلسطينية، وهنا استطاع أن يصل عبر جمال النوتات، إلى كل بيتٍ حتى مخيمات الشتات، من دون أي استثناء أو أي تحيز، وبالتالي مُنح وسام الاستحقاق والتميز، هكذا نتأكد أن سر اللؤلؤ أو بالأصح (سرّ دانة) التلحين، لا يكون إلا باسم (ســردانة) فلسطين، حيث جاءنا بلآلئ (فن الثورة) ودُرر (ثورة الفن)! فهل أدركتم الفرق بين (فن الثورة وثورة الفن)؟!