الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

حمى الخنازير.. تهديد عالمي جديد

تنتشر الأوبئة العالمية في العالم منذ بضع سنوات، فنحن نتذكر جميعاً طاعون الطيور في مصر الذي هدد قطاع تربية الدواجن في القرى والمدن قبل عقد من الزمن، والآن جاء دور «حمى الخنازير الأفريقية»، وبفضل حظر لحم الخنازير في الإسلام كما هي الحال في اليهودية، قد تتجنب الدول والمجتمعات الإسلامية هذا الوباء، على الرغم من انتشاره الآن في ماليزيا وإندونيسيا وفيتنام.. لكن عواقبه سيشعر بها العالم.

إن الأوبئة ليست بالأمر الجديد، وحمى الخنازير انتشرت منذ 3 قرون، حيث جلبه المستوطنون الأوروبيون إلى أفريقيا، وهو وباء ليس بالقاتل، لكن لا يوجد لقاح ضده، والوسيلة الوحيدة للقضاء عليه هي ذبح كل الخنازير.

وهكذا، منذ أن غزت «حمى الخنازير الأفريقية» الصين في أغسطس 2018، تم تدمير 40% من قطيع الخنزير الصيني بالفعل، وبالنظر إلى حجم الإنتاج الصيني، فإن 25% من خنازير العالم قضي عليها بالفعل.


تحتاج الصين الآن إلى استيراد 10 ملايين طن من لحم الخنازير لمواجهة هذه الخسارة، وهو ما يفوق إنتاج بقية العالم، ونتيجة لذلك، ارتفع سعر هذه اللحوم بنسبة 70% في الصين، حيث يعتبر اللحم الرئيس للمائدة الصينية، أما في فرنسا فارتفع بنسبة 30%.


علاوة على ذلك، تستهلك تربية الخنازير الجزء الأكبر من إنتاج فول الصويا في العالم، ما قد يثير مشكلة كبيرة تتمثل في تضخم إنتاج القطاع الزراعي في البلدان المنتجة للصويا وتكدسه.

ونظراً لأن هذا المرض ينتشر في الغالب بواسطة الخنازير البرية، فقد لجأت الدول الأوروبية إلى الأسوار الحديدية لإغلاق حدودها، لكن هذه المحاولة تبدو وهمية تماماً: فقد اضطرت بولندا، وهي منتج رئيس، إلى ذبح 20% من مخزونها من الخنازير.

لكن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو رد فعل منظمة التجارة العالمية، فبحجة أنه لا ينبغي إعاقة التجارة الحرة، حرمت روسيا من حقها في وقف واردات أوروبا نظراً للخطر على مستهلكيها.

يتناقض شعار «العمل أولاً» مع قلق الحكومات التي تدافع عن «مبدأ الحذر»، في حالة وجود خطر، حيث يجب أن تأتي حماية المستهلك - المواطن أولاً، بينما لا تأخذ اتفاقيات التجارة الإقليمية والدولية التي يُعتبر تطوير الرخاء على المستوى العالمي فيها في الاعتبار هذه الآثار الجانبية للتجارة الحرة، ومن المتوقع صدور القرار النهائي حول هذا المبدأ في عام 2020، بغض النظر عن حالة الطوارئ في هذه القضية القضائية.