الثلاثاء - 08 أكتوبر 2024
الثلاثاء - 08 أكتوبر 2024

جبروت الوحدة.. والانطفاء

عليّ أن أعترف بأن وسائل التواصل الاجتماعي، بقدر المُتع التي تهبنا إياها، إلا أنها أيضاً تهبنا الحزن وتورث أعيننا الدمع والضيق، حتى يمكنها أن تنهض بنا تجاه الأسى.

ذاكرة لا تنتهي ولا تنطفئ، فمعظم وسائل التواصل الاجتماعي هي النموذج الأقسى حالياً، تلك التي تساعدك على تعلم البكاء من جديد، وكلما وهبتك الطريقة الجيدة للضحك، حاولت أن تعطيك درساً في كيفية استخدام المناديل لمسح دموعك.

لأول مرة أجد نفسي مشدودة إلى الرؤية الميلودرامية لسوشيل ميديا، إثر سماعي لخبر موت الفنان الشاب هيثم أحمد زكي، ابن الفنان الكبير الراحل أحمد زكي، الذي بمجرد ظهور جنازته حتى، انتحب العالم العربي على رحيل الشاب الصغير، وقد ظهر مسبقاً في أحد البرامج التلفزيونية وأعلن بأنه يتألم من الوحدة، تماماً كما كان والده يعيشها، وقد اشتكى منها مراراً، الوحدة قاسية ومُرة، حيث تنطفئ الحياة دفعة واحدة في قلبك، فلا تعود لتنهض من جديد.


حينما سئل الكاتب الكبير توفيق الحكيم في آخر أيام حياته ممّ تخاف؟، قال: «أخاف من الوحدة».. وقد كان في الـ80 من عمره.. فما بالك بشاب في مقتبل حياته كهيثم أحمد زكي، ويعلن ذلك أمام الملأ، يزفر من قلبه ووجعه ويجعلك تشعر بالأسى للكلمات المتقطعة التي تخرج عصيَّة من روحه.


رحل الشاب هيثم في الـ 35 من عمره، وبرحيله تنتهي شجرة الفنان أحمد زكي، وتظل الدعوات تحفل بها السماء من أجل الأسرة الفنية التي بدأت برحيل والدته الفنانة هالة فؤاد إذا كان أحد يتذكر جمالها ورقتها.. فوداعاً أيها الشاب الوسيم والوحيد.. فلم تعد وحيداً.