الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الفن لغة كونية

يختلف العالم على موقف سياسي أو نزاع اقتصادي أو شريط حدودي، أو ميل رياضي، ويجتمع بكل أطيافه ومذاهبه وأديانه على الفن بكل أجناسه.. لوحة ما تستطيع أن تعبر القارات وتصل إلى كل شعوب العالم دون الحاجة إلى ترجمة لونها أو مغزاها، ورواية ما تستطيع أن تحلق بجناحين لأبعد من حدود كاتبها، ونوتة موسيقية لا تحتاج تأشيرة دخول لقلوب عشاق الفن، وقصيدة بإيقاع باذخ تترجم لك مشاعر قائلها دون عناء منك لترجمة حروفها وتفسير كل كلمة فيها.

الفن، ولا شيء غيره، يستطيع أن يكون لغة كونية تجتمع عليها الشعوب ذات الألسنة المختلفة، فالفن استطاع أن يعطي الإنسان هويته ويؤرخ له، وهو لغة تواصل إنساني ابتكرها الإنسان منذ أمد طويل ليستطيع أن يحاور الآخر ويلفت انتباهه واهتمامه، لذلك كانت دور السينما والمسارح ومنابر الشعر ومتاحف الفن هي قنوات لمشاعره وهوية لوجوده وحضوره.

حكاية لوحة الموناليزا المغربية التي عمرها 60 عاماً، التي رسمها الفنان الاسكتلندي الشهير جيمس ماكداي في طنجة لزهرة الفتاة المغربية، وهي موجودة حالياً في المتحف الأميري في بريطانيا، وقد أعطت اللوحة لزهرة، شهرة عالمية ولمدينتها طنجة ألقاً مضافاً.


فكرة العواصم الثقافية نقلت أطياف ثقافتنا المختلفة عبر حدودنا إلى الآخر، فعبرت عن فنوننا، وتفاعل الآخرون مع نغماتها أو قصائدنا المترجمة أو تلك التي قرأها أصحابها بأحاسيسهم وانتقلت للآخر بدون ترجمة بل بدفقة مشاعر.


الموسيقى غذاء الروح، وفيروز اعتلت منابر العرب والعجم، كما هي في علياء أرواحنا وصباحاتنا بصوتها، وتلك الألحان التي رافقتها سواء العربية أو التي حاكت أنغاماً غربية في إيحاءاتها.

الموشحات الأندلسية التي ترقص على نغمها المليحات في إسبانيا ـ مجدنا القديم ـ وما جاورها ونماذج كثيرة يضيق المجال عن ذكرها.

هناك اليوم توجه كبير لتقديم أنفسنا عبر فنوننا، فالفن لغة الإعلام الأولى، والإمارات نموذج ماثل، عبر متحف اللوفر في أبوظبي، وهو صرح فني استطاع أن يكون بوصلة للعالم في بلد عربي يسابق الزمن إلى رؤيته.

قبل أيام، احتفلنا باليوم الوطني الإماراتي وقد أمتعنا ونحن خارج حدود الإمارات أداء أبنائها لعدد من الرقصات الشعبية الإماراتية، التي عكست التنوع الاجتماعي وتعدد الثقافات التي اكتسبتها من دول تمازجت معها لأن الفن كالهواء والماء.

على الفن نجتمع، لأنه اللغة الأولى التي ابتكرها الإنسان فعزفها بأدوات الطبيعة البسيطة، أو نحتها على الجبال والصخور قبل أن يبتكر اللغة لتُذكر به إلى يومنا هذا.